الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً }

قوله تعالى: { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ } الآية. روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يقال له طعمة بن أبيرق من بني ظفر بن الحارث سرقَ درعاً من جارٍ له يقال له قتادة بن النعمان، وكانت الدرع في جراب فيه دقيق فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار، ثم خبأها عند رجل من اليهود، يُقال له زيد ابن السمين، فالتُمستِ الدرع عند طعمة فحلف: والله ما أخذها وما له بها من علم، فقال أصحاب الدرع: لقد رأينا أثر الدقيق حتى دخل داره، فلما حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق إلى منزل اليهودي فأخذوه منه، فقال اليهودي دفعها إليّ طعمة بن أبيرق، فجاء بنو ظفر وهم قوم طعمة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسألوه أن يُجادل عن صاحبهم، وقالوا له: إنك إن لم تفعل افتضح صاحبنا، فهمَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يُعاقب اليهودي. ويُروى عن ابن عباس رضي الله عنهما في رواية أخرى أن طعمة سرق الدرع في جراب فيه نخالة فخرق الجراب حتى كان يتناثر منه النخالة طول الطريق فجاء به إلى دار زيد السمين وتركه على بابه، وحمل الدرع إلى بيته، فلما أصبح صاحب الدرع جاء على أثر النخالة إلى دار زيد السمين فأخذه وحمله إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فهمّ النبي صلّى الله عليه وسلم أن يقطع يد زيد اليهودي. وقال مقاتل: إنّ زيداً السمين أودع درعاً عند طعمة فجحدها طعمة فأنزل الله تعالى هذه الآية، فقال: { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ } بالأمر والنهي والفصل، { لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ } بما علّمكَ الله وأوحى إليك، { وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ } [طعمة] { خَصِيماً } مُعيناً مدافعاً عنه.