الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } * { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } * { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ } * { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ }

قوله عزّ وجلّ: { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ } ، ماتوا من الفزع، وهي النفخة الأولى، { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللهُ } ، اختلفوا في الذين استثناهم الله عزّ وجلّ، وقد ذكرناهم في سورة النمل، قال الحسن: إلا من شاء الله يعني الله وحده، { ثُمَّ نُفِخَ فيهِ } ، أي: في الصور، { أُخْرَىٰ } ، أي: مرة أخرى، { فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } ، من قبورهم ينتظرون أمر الله فيهم.. أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بين النفختين أربعون، قالوا: أربعون يوماً؟ قال: «أبيت»، قالوا: أربعون شهراً؟ قال: «أبيت»، قالوا: أربعون سنة؟ قال: «أبيت»، قال: " ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإِنسان شيء إلا يبلى إلا عظم واحد، وهو عجب الذنب ومنه يتركب الخلق يوم القيامة ". قوله عزّ وجلّ: { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ } ، أضاءت، { بِنُورِ رَبِّهَا } بنور خالقها، وذلك حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين خلقه، فما يتضارون في نوره كما لا يتضارون في الشمس في اليوم الصحو. وقال الحسن والسدي: بعدلِ ربِّها، وأراد بالأرض عرصات القيامة، { وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ } ، أي كتاب الأعمال، { وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّينَ وَٱلشُّهَدَآءِ } ، قال ابن عباس: يعني الذين يشهدون للرسل بتبليغ الرسالة، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقال عطاء: يعني الحفظة، يدل عليه قوله تعالى:وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } [ق: 21]، { وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ } ، أي: بالعدل، { وهم لاَ يُظْلَمُونَ } ، أي: لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم. { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } ، أي: ثواب ما عملت، { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } ، قال عطاء: يريد أني عالم بأفعالهم لا أحتاج إلى كاتب ولا إلى شاهد. { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ } سوقاً عنيفاً، { زُمَراً } ، أفواجاً بعضها على إثر بعض، كل أمة على حدة. قال أبو عبيدة والأخفش: " زمراً " أي جماعات في تفرقة، واحدتها زمرة. { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا } ، السبعة وكانت مغلقة قبل ذلك، قرأ أهل الكوفة " فُتِحَتْ، وفُتِحَتْ " بالتخفيف، وقرأ الآخرون بالتشديد على التكثير { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ } ، توبيخاً وتقريعاً لهم، { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } ، من أنفسكم، { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءَايَـٰتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ } ، وجبت، { كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } ، وهو قوله عزَّ وجلَّ:لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وٱلنَّاسِ أَجْمَعِين } [هود: 119]. { قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَٰبَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ * وَسِيقَ الذين اتقَوا ربَّهم إلى الجنة زُمَراً حَتَّىٰ إذا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا } ، قال الكوفيون: هذه الواو زائدة حتى تكون جواباً لقوله: { حَتَّىٰ إذا جَآءُوهَا } كما في سَوْق الكفار، وهذا كما قال الله تعالى:

السابقالتالي
2