قوله عزّ وجلّ: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللهِ } ، فزعم أن له ولداً وشريكاً، { وَكَذَّبَ بِٱلصِّدْقِ } ، بالقرآن { إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوىً } ، منزلٌ ومقام، { لِّلْكَـٰفِرِينَ } ، استفهام بمعنى التقرير. { وَٱلَّذِى جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ }. قال ابن عباس: " والذي جاء بالصدق " يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلا إله إلا الله " وصدَّق به " الرسول أيضاً بلَّغه إلى الخلق. وقال السدي: " والذي جاء بالصدق " جبريل جاء بالقرآن، " وصدق به " محمد صلى الله عليه وسلم تلقاه بالقبول. وقال الكلبي وأبو العالية: " والذي جاء بالصدق " رسول الله صلى الله عليه وسلم، " وصدّق به " أبو بكر رضي الله عنه. وقال قتادة ومقاتل: " والذي جاء بالصدق " رسول الله صلى الله عليه وسلم، " وصدّق به " هم المؤمنون، لقوله عزّ وجلّ: { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ }. وقال عطاء: " والذي جاء بالصدق " الأنبياء " وصدّق به " الأتباع، وحينئذ يكون الذي بمعنى: الذين، كقوله تعالى:{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِى ٱسْتَوْقَدَ نَاراً } [البقرة: 17]، ثم قال:{ ذَهَبَ ٱللهُ بِنُورِهِمْ } [البقرة: 17]. وقال الحسن: هم المؤمنون صدقوا به في الدنيا وجاؤوا به في الآخرة. وفي قراءة عبد الله بن مسعود: والذين جاؤوا بالصدق وصدقوا به. { أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ }. { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ * لِيُكَـفِّرَ ٱللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ } ، يسترها عليهم بالمغفرة، { وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، قال مقاتل: يجزيهم بالمحاسن من أعمالهم ولا يجزيهم بالمساوئ. قوله عزّ وجلّ: { أَلَيْسَ ٱللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ }؟ يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم، وقرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي، " عباده " بالجمع يعني: الأنبياء عليهم السلام، قصدهم قومهم بالسوء كما قال:{ وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأخُذُوهُ } [غافر: 5]، فكفاهم الله شر من عاداهم، { وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } ، وذلك أنهم خوّفوا النبي صلى الله عليه وسلم معرَّة الأوثان. وقالوا: لتكفنّ عن شتم آلهتنا أو ليصيبنك منهم خبل أو جنون، { وَمَن يُضْلِلِ ٱللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ }. { وَمَن يَهْدِ ٱللهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ ٱللهُ بِعَزِيزٍ ذِى ٱنتِقَامٍ } ، منيع في ملكه، منتقم من أعدائه. { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللهُ قُلْ أَفَرَءَيْتُم مَّا تَدْعُونَ من دونِ ٱللهِ إنْ أَرَادَنِىَ ٱللهُ بِضُرٍّ } ، بشدة وبلاء، { هَلْ هُنَّ كَـٰشِفَـٰتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَةٍ } ، بنعمة وبركة، { هَلْ هُنَّ مُمْسِكَـٰتُ رَحْمَتِهِ } ، قرأ أهل البصرة: " كاشفاتٌ " و " ممسكاتٌ " بالتنوين، " ضرَّه " " ورحمتَه " بنصب الراء والتاء، وقرأ الآخرون بلا تنوين وجر الراء والتاء على الإضافة، قال مقاتل: فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسكتوا، فقال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: { قُلْ حَسْبِىَ ٱللهُ } ، ثقتي به واعتمادي عليه، { عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } ، يثق به الواثقون.