الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ } * { وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { لِيُكَـفِّرَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ٱلَّذِي كَـانُواْ يَعْمَلُونَ } * { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْـلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ } * { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي ٱنتِقَامٍ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } * { قُلْ يٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُـمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ لِلنَّـاسِ بِٱلْحَقِّ فَـمَنِ ٱهْتَـدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَـلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِـيلٍ } * { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

قوله عزّ وجلّ: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللهِ } ، فزعم أن له ولداً وشريكاً، { وَكَذَّبَ بِٱلصِّدْقِ } ، بالقرآن { إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوىً } ، منزلٌ ومقام، { لِّلْكَـٰفِرِينَ } ، استفهام بمعنى التقرير. { وَٱلَّذِى جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ }. قال ابن عباس: " والذي جاء بالصدق " يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلا إله إلا الله " وصدَّق به " الرسول أيضاً بلَّغه إلى الخلق. وقال السدي: " والذي جاء بالصدق " جبريل جاء بالقرآن، " وصدق به " محمد صلى الله عليه وسلم تلقاه بالقبول. وقال الكلبي وأبو العالية: " والذي جاء بالصدق " رسول الله صلى الله عليه وسلم، " وصدّق به " أبو بكر رضي الله عنه. وقال قتادة ومقاتل: " والذي جاء بالصدق " رسول الله صلى الله عليه وسلم، " وصدّق به " هم المؤمنون، لقوله عزّ وجلّ: { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ }. وقال عطاء: " والذي جاء بالصدق " الأنبياء " وصدّق به " الأتباع، وحينئذ يكون الذي بمعنى: الذين، كقوله تعالى:مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِى ٱسْتَوْقَدَ نَاراً } [البقرة: 17]، ثم قال:ذَهَبَ ٱللهُ بِنُورِهِمْ } [البقرة: 17]. وقال الحسن: هم المؤمنون صدقوا به في الدنيا وجاؤوا به في الآخرة. وفي قراءة عبد الله بن مسعود: والذين جاؤوا بالصدق وصدقوا به. { أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ }. { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ * لِيُكَـفِّرَ ٱللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ } ، يسترها عليهم بالمغفرة، { وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، قال مقاتل: يجزيهم بالمحاسن من أعمالهم ولا يجزيهم بالمساوئ. قوله عزّ وجلّ: { أَلَيْسَ ٱللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ }؟ يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم، وقرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي، " عباده " بالجمع يعني: الأنبياء عليهم السلام، قصدهم قومهم بالسوء كما قال:وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأخُذُوهُ } [غافر: 5]، فكفاهم الله شر من عاداهم، { وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } ، وذلك أنهم خوّفوا النبي صلى الله عليه وسلم معرَّة الأوثان. وقالوا: لتكفنّ عن شتم آلهتنا أو ليصيبنك منهم خبل أو جنون، { وَمَن يُضْلِلِ ٱللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ }. { وَمَن يَهْدِ ٱللهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ ٱللهُ بِعَزِيزٍ ذِى ٱنتِقَامٍ } ، منيع في ملكه، منتقم من أعدائه. { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللهُ قُلْ أَفَرَءَيْتُم مَّا تَدْعُونَ من دونِ ٱللهِ إنْ أَرَادَنِىَ ٱللهُ بِضُرٍّ } ، بشدة وبلاء، { هَلْ هُنَّ كَـٰشِفَـٰتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَةٍ } ، بنعمة وبركة، { هَلْ هُنَّ مُمْسِكَـٰتُ رَحْمَتِهِ } ، قرأ أهل البصرة: " كاشفاتٌ " و " ممسكاتٌ " بالتنوين، " ضرَّه " " ورحمتَه " بنصب الراء والتاء، وقرأ الآخرون بلا تنوين وجر الراء والتاء على الإضافة، قال مقاتل: فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسكتوا، فقال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: { قُلْ حَسْبِىَ ٱللهُ } ، ثقتي به واعتمادي عليه، { عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } ، يثق به الواثقون.

السابقالتالي
2