الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ٱلْحَمْدُ للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ }

{ ضَرَبَ ٱللهُ مَثَلاً رَّجُلاً } ، قال الكسائي: نصب رجلاً لأنه تفسير للمثل، { فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَـٰكِسُونَ } ، متنازِعون مختلفون سيئة أخلاقهم، يقال: رجل شَكِسٌ شَرِسٌ، إذا كان سيءَ الخلق، مخالفاً للناس لا يرضى بالإِنصاف، { وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ } ، قرأ أهل مكة والبصرة: " سالماً " بالألف أي: خالصاً له لا شريك ولا منازع له فيه، وقرأ الآخرون: " سلَماً " بفتح اللام من غير ألف، وهو الذي لا ينازع فيه، من قولهم: هو لك سلم، أي: مسلم، لا منازع لك فيه. { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً } ، هذا مثل ضربه الله عزّ وجلّ للكافر الذي يعبد آلهة شتى، والمؤمن الذي لا يعبد إلا الله الواحد، وهذا استفهام إنكارأي: لا يستويان، ثم قال: { ٱلْحَمْدُ للهِ } أي: لله الحمد كله دون غيره من المعبودين. { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ، ما يصيرون إليه. والمراد بالأكثر الكل. { إِنَّكَ مَيِّتٌ } ، أي: ستموت، { وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }. أي: سيموتون، قال الفراء والكسائي: الميِّتُ - بالتشديد - من لم يمت وسيموت، الميْتُ - بالتخفيف - من فارقه الروح، ولذلك لم يخفف هاهنا. { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } ، قال ابن عباس: يعني: المحق والمبطل، والظالم والمظلوم. أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا ابن فنجويه، حدثنا ابن مالك، حدثنا ابن حنبل، حدثني أبي، حدثنا ابن نمير، حدثنا محمد يعني ابن عمرو عن يحيى بن عبدالرحمن بن حاطب، عن عبدالله بن الزبير، " عن الزبير بن العوام قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } قال الزبير: يا رسول الله أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ قال: " نعم ليكررن عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه " قال الزبير: والله إن الأمر لشديد. وقال ابن عمر: عشنا برهة من الدهر وكنا نرى أن هذه الآية أنزلت فينا وفي أهل الكتابين { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونََ } ، قلنا: كيف نختصم وديننا وكتابنا واحد؟ حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف، فعرفت أنها نزلت فينا. وعن أبي سعيد الخدري في هذه الآية قال: كنا نقول ربنا واحد وديننا واحد ونبينا واحد فما هذه الخصومة؟ فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا: نعم هو هذا. وعن إبراهيم قال: لما نزلت: { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } قالوا: كيف نختصم ونحن إخوان؟ فلما قتل عثمان قالوا: هذه خصومتنا؟ أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أبو محمد عبدالرحمن بن أبي شريح، أخبرنا أبو القاسم عبدالله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

السابقالتالي
2