الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِـيجُ فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

قوله عزّ وجلّ: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ } ، أدخل ذلك الماء، { يَنَابِيعَ } ، عيوناً وركاياً، { فِى ٱلأَرْضِ } ، قال الشعبي: كل ماء في الأرض فمن السماء نزل، { ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ } ، أي: بالماء { زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ } ، أحمر وأصفر وأخضر، { ثُمَّ يَهِـيجُ } ، ييبس، { فَـتَرَاهُ } ، بعد خضرته ونضرته، { مُصْفَـرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَـٰماً } ، فتاتاً متكسراً، { إِنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لأُوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ }. قوله عزّ وجلّ: { أَفَمَن شَرَحَ ٱللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ } ، وسَّعه لقبول الحق، { فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } ، ليس كمن أقسى الله قلبه. أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرنا ابن فنجويه، حدثنا عبد الله بن محمد بن شيبة، حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن يزيد الموصلي ببغداد، حدثنا أبو فروة واسمه يزيد بن محمد، حدثني أبي عن أبيه، حدثنا زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود قال: " تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: { أَفَمَن شَرَحَ ٱللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } قلنا: يا رسول الله كيف انشراح صدره؟ قال: " إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح " ، قلنا: يا رسول الله وما علامة ذلك؟ قال: " الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والتأهب للموت قبل نزول الموت ". قوله عزّ وجلّ: { فَوَيْلٌ لِّلْقَـٰسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللهِ أُوْلَـٰئِكَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } ، قال مالك بن دينار: ما ضُرِبَ عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب، وما غضب الله عزّ وجلّ على قوم إلا نَزَعَ منهم الرحمة.