الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

{ قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ } ، بطاعته واجتناب معصيته، { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا } ، أي: آمنوا وأحسنوا العمل، { حسنة } ، يعني: الجنة، قاله مقاتل. وقال السدي: في هذه الدنيا حسنة يعني ": الصحة والعافية، { وَأَرْضُ ٱللهِ وَاسِعَةٌ } ، قال ابن عباس: يعني ارتحلوا من مكة. وفيه حث على الهجرة من البلد الذي يظهر فيه المعاصي. وقيل: نزلت في مهاجري الحبشة. وقال سعيد بن جبير: من أُمِر بالمعاصي فليهرب { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } ، الذين صبروا على دينهم فلم يتركوه للأذى. وقيل: نزلت في جعفر بن أبي طالب وأصحابه، حيث لم يتركوا دينهم لمّا اشتد بهم البلاء، وصبروا وهاجروا. قال علي رضي الله عنه: كل مطيع يكال له كيلاً ويوزن له وزناً إلاّ الصابرين، فإنه يحثي لهم حثياً. ويُروى: " يؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم الميزان ولا ينشر لهم ديوان، ويصبُّ عليهم الأجر صباً بغير حساب " ، قال الله تعالى { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } ، حتى يتمنى أهل العافية في الدنيا أن أجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل.