الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ } * { وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ } * { أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار } * { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ } * { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ }

{ قَالُواْ } ، يعني: الأتباع، { رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا } ، أي: شرعه وسنَّه لنا، { فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِى ٱلنَّارِ } ، أي: ضعِّف عليه العذاب في النار. قال ابن مسعود: يعني: حيَّات وأفاعي. { وَقَالُواْ } ، يعني صناديد قريش وهم في النار، { مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ } ، في الدنيا، { مِّنَ ٱلأَشْرَارِ } ، يعنون فقراء المؤمنين: عماراً، وخباباً، وصهيباً، وبلالاً، وسلمان رضي الله عنهم، ثم ذكروا أنهم كانوا يسخرون من هؤلاء، فقالوا: { أَتَّخَذْنَـٰهُمْ سِخْرِيّاً } ، قرأ أهل البصرة، وحمزة، والكسائي: { مِّنَ ٱلأَشْرَارِ * أَتَّخَذْنَـٰهُمْ } وَصْلٌ، ويكسرون الألف عند الابتداء، وقرأ الآخرون بقطع الألف وفتحها على الاستفهام. قال أهل المعاني: القراءة الأولى أَولى لأنهم علموا أنهم اتخذوهم سِخرياً فلا يستقيم الاستفهام، وتكون " أم " على هذه القراءة بمعنى " بل " ، ومن فتح الألف قال: هو على اللفظ لا على المعنى ليعادل " أم " في قوله: { أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـٰرُ } ، قال الفراء: هذا من الاستفهام الذي معناه التوبيخ والتعجب، " أم زاغت " ، أي: مالت، { عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـٰرُ } ، ومجاز الآية: ما لنا لا نرى هؤلاء الذين اتخذناهم سخريّاً لم يدخلوا معنا النار؟ أم دخلوها فزاغت عنهم أبصارنا، فلم نرهم حين دخلوها. وقيل: أم هم في النار ولكن احتجبوا عن أبصارنا؟ وقال ابن كيسان: أم كانوا خيراً منّا ولكن نحن لا نعلم، فكانت أبصارنا تزيغ عنهم في الدنيا فلا نعدهم شيئاً. { إِنَّ ذَلِكَ } ، الذي ذكرت، { لَحَقٌّ } ثم بيَّن فقال، { تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ } ، أي: تخاصم أهل النار في النار لحقٌّ. { قُلْ } ، يا محمد لمشركي مكة، { إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ } ، مخوف، { وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللهُ ٱلْوَٰحِدُ ٱلْقَهَّارُ }.