الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } * { وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ } * { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } * { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

قوله عزّ وجلّ: { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَآءً } ، لينة ليست بعاصفة، { حَيْثُ أَصَابَ } ، [حيث أراد]، تقول العرب: أصاب الصواب [فأخطأ الجواب، تريد أراد الصواب]. { وَٱلشَّيَـٰطِينَ } ، أي: وسخرنا له الشياطين، { كُلَّ بَنَّآءٍ } ، يبنون له ما يشاء من محاريب وتماثيل، { وَغَوَّاصٍ } ، يستخرجون له اللآليء من البحر، وهو أول من استخرج اللؤلؤ من البحر. { وَءَاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِى ٱلأَصْفَادِ } ، مشدودين في القيود، أي: وسخرنا له آخرين، يعني: مردة الشياطين، سخروا له حتى قرنهم في الأصفاد. { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا } ، أي قلنا له هذا عطاؤنا، { فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } ، المنُّ: هو الإحسان إلى من لا يستثنيه، معناه: أعطِ من شئت وأمسك عمن شئت، { بِغَيْرِ حِسَابٍ } ، لا حرج عليك فيما أعطيت وفيما أمسكت. قال الحسن: ما أنعم الله على أحد نعمة إلا عليه تبعة، إلا سليمان فإنه أعطى أُجر، وإن لم يعط لم يكن عليه تبعة. وقال مقاتل: هذا في أمر الشياطين، يعني: خلِّ من شئت منهم، وأمسك من شئت في وثاقك، لا تبعة عليك فيما تتعاطاه.