الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ }

{ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ } ، يعني: من الأمم الخالية، { فَنَادَواْ } ، استغاثوا عند نزول العذاب وحلول النقمة، { وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } ، قوة ولا فرار، و " المناص " مصدر ناص ينوص، وهو الفوت والتأخر، يقال: ناص ينوص إذا تأخر، وباص يبوص إذا تقدم، و " لات " بمعنى ليس بلغة أهل اليمن. وقال النحويون: هي " لا " ، زِيدَتْ فيها التاء، كقولهم: رُبَّ ورُبَّتْ وتمّ وثمّتْ، وأصلها هاء وصلت بلا، فقالوا: " لاَةَ " ، كما قالوا: ثمة، فجعلوها في الوصل تاء، والوقف عليها بالتاء عند الزجاج، وعند الكسائي بالهاء: ولاة. ذهب جماعة إلى أن التاء زيدت في " حين " ، والوقف على " ولا " ،ثم يبتدئ: " تَحِيْنَ " ، وهو اختيار أبي عبيدة، وقال: كذلك وجدت في مصحف عثمان، وهذا كقول أبي وَجْرَةَ السعديِّ:
العَاطِفُونَ تَحِيْنُ ما من عاطفٍ   والمُطعِمُونَ زمانَ مَا مِنْ مُطْعِمِ
وفي حديث ابن عمر، وسأله رجل عن عثمان، فذكر مناقبه ثم قال: اذهب بها تلان إلى أصحابك، يريد: الآن. قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان كفار مكة إذا قاتلوا فاضطروا في الحرب، قال بعضهم لبعض: مناص، أي: اهربوا وخذوا حذركم، فلما نزل بهم العذاب ببدر قالوا: مناص، فأنزل الله تعالى: { وَّلاَتَ حِينَ مَنَاص } أي ليس حين هذا القول.