الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ } * { بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } * { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } * { قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }

{ مَا لَكُمْ لاَ تَنَـٰصَرُونَ } ، أي: لا تتناصرون، يقال لهم توبيخاً: مالكم لا ينصر بعضكم بعضاً، يقول لهم خزنة النار، هذا جواب لأبي جهل حين قال يوم بدر:نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } [القمر: 44]. فقال الله تعالى: { بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } ، قال ابن عباس: خاضعون. وقال الحسن: منقادون، يقال: استسلم للشيء إذا انقاد له وخضع له، والمعنى: هم اليوم أذلاء منقادون لا حيلة لهم. { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي: الرؤساء والأتباع { يَتَسَآءَلُونَ } ، يتخاصمون. { قَالُوۤاْ } ، أي: الأتباع للرؤساء، { إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } ، أي: من قبل الدين فتضلوننا عنه [وتُروننا أن الدين ما تضلوننا به]، قاله الضحاك. وقال مجاهد: عن الصراط الحق، واليمين عبارة عن الدين والحق، كما أخبر الله تعالى عن إبليس:ثُمَّ لأَتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ } [الأعراف: 17]، فمن أتاه الشيطان من قبل اليمين أتاه من قبل الدين فلبَّس عليه الحق. وقال بعضهم: كان الرؤساء يحلفون لهم أن ما يدعونهم إليه هو الحق، فمعنى قوله: { تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } أي: من ناحية الأيمان التي كنتم تحلفونها فوثقنا بها. وقيل: " عن اليمين " أي: عن القوة والقدرة، كقوله:لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } [الحاقة:45]، والمفسرون على القول الأول. { قَالُواْ } ، يعني: الرؤساء للأتباع، { بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } ، لم تكونوا على الحق فنضلكم عنه، أي: إنما الكفر من قِبَلِكم.