الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ } * { قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ } * { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ }

{ وَنَـٰدَيْنَـٰهُ } ، الواو في " وناديناه " مقحمة صلة، مجازه: ناديناه كقوله:وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِى غَيَابَةِ ٱلْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ } [يوسف: 15]، أي: أوحينا إليه، فنودي من الجبل، { أَن يٰإِبْرَٰهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ } ، تمّ الكلام هاهنا ثم ابتدأ فقال: { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ } ، والمعنى: إنا كما عفونا إبراهيم عن ذبح ولده نجزي من أحسن في طاعتنا، قال مقاتل: جزاه الله بإحسانه في طاعته العفو عن ذبح ابنه. { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ } ، الاختبار الظاهر حيث اختبره بذبح ابنه. وقال مقاتل: البلاء هاهنا النعمة، وهي أن فدي ابنه بالكبش. فإن قيل: كيف قال: قد صدقت الرؤيا، وكان قد رأى الذبح ولم يذبح؟. قيل: جعله مصدقاً لأنه قد أتى بما أمكنه، والمطلوب إسلامهما لأمر الله تعالى وقد فعلا. وقيل: كان قد رأى في النوم معاجلة الذبح ولم ير إراقة الدم، وقد فعل في اليقظة ما رأى في النوم، فلذلك قال له: " قد صدقت الرؤيا ". { وَفَدَيْنَـٰهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } ، فنظر إبراهيم فإذا هو بجبريل ومعه كبش أملح أقرن، فقال: هذا فداء لابنك فاذبحه دونه، فكبّر جبريل، وكبّر الكبش، وكبّر ابنه، فأخذ إبراهيم الكبش فأتى به المنحر من منى فذبحه. قال أكثر المفسرين: كان ذلك الكبش رعى في الجنة أربعين خريفاً. وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكبش الذي ذبحه إبراهيم هو الذي قربه ابن آدم هابيل. قال سعيد بن جبير: حقَّ له أن يكون عظيماً. قال مجاهد: سماه عظيماً لأنه متقبل. وقال الحسين بن الفضل: لأنه كان من عند الله. وقيل: عظيم في الشخص. وقيل: في الثواب. وقال الحسن: ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى أُهبط عليه من ثبير.