الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ }

قوله عزّ وجلّ { وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ } ، أي أذهبنا أعينهم الظاهرة بحيث لا يبدو لها جفن ولا شق، وهو معنى الطمس كما قال الله عزّ وجلّ:وَلَوْ شَآءَ ٱللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَـٰرِهِمْ } [البقرة: 20] يقول كما أعمينا قلوبهم لو شئنا أعمينا أبصارهم الظاهرة، { فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَٰطَ } ، فتبادروا إلى الطريق، { فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } ، فكيف يبصرون وقد أعيمنا أعينهم؟ يعني: لو نشاء لأضللناهم عن الهدى، وتركناهم عمياً يترددون، فكيف يبصرون الطريق حينئذ؟ هذا قول الحسن والسدي، وقال ابن عباس، وقتادة، ومقاتل وعطاء: معناه لو نشاء لفقأنا أعين ضلالتهم، فأعميناهم عن غيهم، وحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى، فأبصروا رشدهم { فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } ولم أفعل ذلك بهم؟. { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَـٰهُمْ عَلَىٰ مَكَــٰنَتِهِمْ } يعني: مكانهم، يريد: لو نشاء لجعلناهم قردة وخنازير في منازلهم، وقيل: لو نشاء لجعلناهم حجارة، وهم قعود في منازلهم لا أرواح لهم. { فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ } ، إلى ما كانوا عليه، وقيل: لا يقدرون على ذهاب ولا رجوع.