الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } * { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { وَأَنِ ٱعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ } * { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } * { ٱصْلَوْهَا ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } * { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }

{ وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } ، قال مقاتل: اعتزلوا اليوم من الصالحين. قال أبو العالية: تميزوا. وقال السدي: كونوا على حِدة. وقال الزجاج: انفردوا عن المؤمنين. قال الضحاك: إن لكل كافر في النار بيتاً يدخل ذلك البيت ويُردمُ بابه بالنار فيكون فيه أبد الآبدين، لا يَرى ولا يُرى. { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِىۤ ءَادَمَ } ، ألم آمركم يا بني آدم، { أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَـٰنَ } ، أي: لا تطيعوا الشيطان في معصية الله، { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ، ظاهر العداوة. { وَأَنِ ٱعْبُدُونِى } ، أطيعوني ووحدوني، { هَـٰذَا صِرَٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ }. { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلاًّ كَثيراً } ، قرأ أهل المدينة وعاصم " جِبِلاًّ " بكسر الجيم والباء وتشديد اللام، وقرأ يعقوب " جُبُلاًّ " بضم الجيم والباء وتشديد اللام، وقرأ ابن عامر، وأبو عمرو، بضم الجيم ساكنة الباء خفيفة، وقرأ الآخرون بضم الجيم والباء خفيفة، وكلها لغات، ومعناها: الخلق والجماعة أي: خلقاً كثيراً، { أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ } ، ما أتاكم من هلاك الأمم الخالية بطاعة إبليس، ويقال لهم لمَّا دنوا من النار. { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } ، بها في الدنيا. { ٱصْلَوْهَا } ، ادخلوها. { ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ * ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَٰهِهِمْ وتُكلِّمُنَآ أَيْديهِمْ وتَشهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُون } ، هذا حين ينكر الكفار كفرهم وتكذيبهم الرسل فيختم على أفواههم وتشهد عليهم جوارحهم. أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن حفصويه السرخسي، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، أخبرنا أبو يزيد حاتم بن محبوب، أخبرنا عبد الجبار بن العلاء، أخبرنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: " سأل الناسُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: فقالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: " هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحاب "؟ قالوا: لا، يا رسول الله. قال: " فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة "؟ قالوا: لا، قال: " والذي نفسي بيده لا تضارُّون في رؤية ربكم كما لا تضارُّون في رؤية أحدهما " ، قال: " فيلقى العبد قال فيقول أي عبدي ألم أكرمك؟ ألم أسوِّدْك؟ ألم أزوجك؟ ألم أسخر لك الخيل والإِبل وأذرك تترأس وتتربع؟ قال: بلى يا رب قال: فظننت أنك ملاقيّ؟ قال: لا، قال: فاليوم أنساك كما نسيتني، قال: فيلقى الثاني فيقول: ألم أكرمك، ألم أسوّدْك، ألم أزوجك، ألم أسخر لك الخيل والإِبل، وأتركك تترأس وتتربع؟ - وقال غيره عن سفيان ترأس وتربع في الموضعين - قال: فيقول: بلى يا رب، فيقول: فظننت أنك ملاقيّ؟ فيقول: لا يا رب، قال: فاليوم أنساك كما نسيتني، ثم يلقي الثالث، فيقول؟ ما أنت؟ فيقول: أنا عبدك آمنتُ بك، وبنبيّك وبكتابك، وصليتُ وصمتُ وتصدقتُ، ويثني بخير ما استطاع، قال: فيقال له: ألم نبعث عليك شاهدنا؟ قال: فيتفكر في نفسه من الذي يشهد عليّ، فيختم علي فيه، ويقال لفخذه: أنطقي، قال: فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل وذلك المنافق وذلك ليعذر من نفسه، وذلك الذي سَخِطَ الله عليه ".

السابقالتالي
2