الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }

قوله عزّ وجلّ: { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً } أي: لا يقدرون على الإِيصاء. قال مقاتل: عجلوا عن الوصية فماتوا، { وَلآَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } ، ينقلبون، والمعنى أن الساعة لا تمهلهم لشيء. { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ } ، وهي النفخة الأخيرة نفخة البعث، وبين النفختين أربعون سنة، { فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ } ، يعني: القبور، واحدها: جدث، { إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } ، يخرجون من القبور أحياء، ومنه قيل للولد: نسل لخروجه من بطن أمه. { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } قال أُبَيّ بن كعب وابن عباس، وقتادة: إنما يقولون هذا لأن الله تعالى يرفع عنهم العذاب بين النفختين، فيرقدون فإذا بعثوا بعد النفخة الأخيرة وعاينوا القيامة دعوا بالويل. وقال أهل المعاني: إن الكفار إذا عاينوا جهنم وأنواع عذابها صار عذاب القبر في جنبها كالنوم، فقالوا: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا؟ ثم قالوا: { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وصَدقَ ٱلمُرْسَلُونَ } أقرّوا حين لم ينفعهم الإقرار. وقيل: قالت الملائكة لهم: { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وصَدقَ ٱلمرسلونَ }. قال مجاهد: يقول الكفار: { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } فيقول المؤمنون: { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وصَدقَ ٱلْمُرْسَلُونَ }. { إِن كَانَتْ } ، ما كانت، { إِلاَّ صَيْحَةً وَٰحِدَةً } ، يعني النفخة الآخرة، { فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }.