الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ } * { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }

{ وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَـٰهُ مَنَازِلَ } أي: قدرنا له، قرأ ابن كثير، ونافع، وأهل البصرة: " القمرُ " برفع الراء لقوله: { وَءَايَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ } ، وقرأ الآخرون بالنصب لقوله: " قَدَّرْنَـٰهُ " أي: قدرنا القمر، { مَنَازِلَ } ، وقد ذكرنا أسامي المنازل في سورة يونس، فإذا صار القمر إلى آخر المنازل دقَّ فذلك قوله: { حَتَّىٰ عَادَ كَـٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ } ، والعرجون: عود العذق الذي عليه الشماريخ، فإذا قدم و عتق يبس وتقوس واصفرَّ، فشبّه القمر في دقته وصفرته في آخر المنازل به. { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ } ، أي لا يدخل النهار على الليل قبل انقضائه، ولا يدخل الليل على النهار قبل انقضائه، وهو قوله تعالى: { وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ } ، أي: هما يتعاقبان بحساب معلوم لا يجيء أحدهما قبل وقته. وقيل: لا يدخل أحدهما في سلطان الآخر، لا تطلع الشمس بالليل ولا يطلع القمر بالنهار وله ضوء، فإذا اجتمعا وأدرك كل واحد منهما صاحبه قامت القيامة. وقيل: { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ } أي: تجتمع معه في فلك واحد، { وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ } أي: لا يتصل ليل بليل لا يكون بينهما نهار فاصل. { وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } ، يجرون.