{ يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ } ، قال عكرمة: يعني يا حسرتهم على أنفسهم، والحسرة: شدة الندامة، وفيه قولان: أحدهما: يقول الله تعالى: يا حسرة وندامة وكآبة على العباد يوم القيامة حين لم يؤمنوا بالرسل. والآخر: أنه من قول الهالكين. قال أبو العالية: لما عاينوا العذاب قالوا: يا حسرة أي: ندامة على العباد، يعني: الرسل الثلاثة حيث لم يؤمنوا بهم، فتمنوا الإِيمان حين لم ينفعهم. قال الأزهري: الحسرة لا تدعى، ودعاؤها تنبيه المخاطبين. وقيل العرب تقول: يا حسرتي! ويا عجباً! على طريق المبالغة، والنداء عندهم بمعنى التنبيه، فكأنه يقول: أيها العجب هذا وقتك؟ وأيتها الحسرة هذا أوانك؟ حقيقة المعنى: أن هذا زمان الحسرة والتعجب. ثم بين سبب الحسرة والندامة، فقال: { مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ }. { أَلَمْ يَرَوْاْ } ، ألم يخبروا، يعني: أهل مكة، { كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ ٱلْقُرُونِ } ، والقرن: أهل كل عصر، سموا بذلك لاقترانهم في الوجود، { أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ } ، أي لا يعودون إلى الدنيا فلا يعتبرون بهم. { وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ } ، قرأ عاصم، وحمزة " لما " بالتشديد هاهنا وفي الزخرف والطارق، ووافق ابن عامر إلاَّ في الزخرف، ووافق أبو جعفر في الطارق، وقرأ الآخرون بالتخفيف. فمن شدد جعل " إن " بمعنى الجحد، و " لما " بمعنى إلاّ، تقديره: وما كل إلاّ جميعٌ، ومن خففف جعل " إن " للتحقيق و " ما " صلة، مجازه: وكلٌّ جميعٌ، { لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }. { وَءَايَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَـٰهَا } ، بالمطر، { وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً } ، يعني: الحنطة والشعير وما أشبههما، { فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } ، أي: من الحب.