الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } * { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }

{ إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً } ، أي: عادوه بطاعة الله ولا تطيعوه، { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ } ، أي: أشياعه وأولياءه، { لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِيرِ } ، أي: ليكونوا في السعير، ثم بيّن حال موافقيه ومخالفيه فقال: { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }. قوله تعالى: { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءَ عَمَلِهِ } ، قال ابن عباس: نزلت في أبي جهل ومشركي مكة. وقال سعيد بن جبير: نزلت في أصحاب الأهواء والبدع. وقال قتادة: منهم الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم، فأما أهل الكبائر فليسوا منهم لأنهم لا يستحلون الكبائر. { أَفَمَن زُيِّنَ } شُبِّه ومُوِّه عليه وحُسِّنَ { لَهُ سُوۤءَ عَمَلِهِ } أي: قبيح عمله، { فَرَءَاهُ حَسَناً } ، زين له الشيطان ذلك بالوسواس. وفي الآية حذف مجازه: أفمن زُيّن له سوء عمله فرأى الباطل حقاً كمن هداه الله فرأى الحق حقاً والباطل باطلاً، { فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ }. وقيل: جوابه تحت قوله: { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَٰتٍ } ، فيكون معناه: أفمن زين له سوء عمله فأضله الله ذهبت نفسك عليه حسرة، أي تتحسر عليه فلا تذهب نفسك عليهم حسرات. وقال الحسين بن الفضل: فيه تقديم وتأخير مجازه: أفمن زُيّن له سوء عمله فرآه حسناً فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، والحسرة شدة الحزن على ما فات من الأمر، ومعنى الآية: لا تغتم بكفرهم وهلاكهم إن لم يؤمنوا. وقرأ أبو جعفر: " فلا تُذْهِب " بضم التاء وكسر الهاء " نَفْسَك " نصب، { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }.