الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ } * { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } * { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } * { وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ }

{ قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ } ، يعني: القرآن والإِسلام، { وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَـٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ } ، أي: ذهب الباطل وزهق فلم يبق منه بقية يبدىء شيئاً أو يعيد، كما قال تعالى:بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَـٰطِلِ فَيَدْمَغُهُ } [الأنبياء: 18] وقال: قتادة: " الباطل " هو إبليس، وهو قول مقاتل والكلبي، وقيل: " الباطل ": الأصنام. { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِى } ، وذلك أن كفار مكة كانوا يقولون له: إنك قد ضللت حين تركت دين آبائك، قال الله تعالى: { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِى } أي: إثم ضلالتي على نفسي، { وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ رَبِّى } ، منَ القرآن والحكمة، { إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ }. { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ } ، قال قتادة عند البعث حين يخرجون من قبورهم، { فَلاَ فَوْتَ } ، أي: فلا يفوتونني كما قال:وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } [صۤ: 3]، وقيل: إذ فزعوا فلا فوت ولا نجاة، { وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } ، قال الكلبي من تحت أقدامهم، وقيل: أُخذوا من بطن الأرض إلى ظهرها، وحيثما كانوا فهم من الله قريب، لا يفوتونه. وقيل: من مكان قريب يعني عذاب الدنيا. وقال الضحاك: يوم بدر. وقال ابن أبزي: خسف بالبيداء، وفي الآية حذف تقديره: ولو ترى إذْ فزعوا لرأيتَ أمراً تعتبرُ به. { وَقَالُوۤاْ ءَامَنَّا بِهِ } ، حين عاينوا العذاب، وقيل: عند اليأس. وقيل: عند البعث. { وَأَنَّىٰ } ، من أين، { لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ } ، قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر: التناوش بالمد والهمز، وقرأ الآخرون بواو صافية من غير مدّ ولا همز، ومعناه التناول، أي: كيف لهم تناول ما بَعُدَ عنهم، وهو الإِيمان والتوبة، وقد كان قريباً في الدنيا فضيعوه، ومَنْ همز قيل: معناه هذا أيضاً. وقيل التناوش بالهمزة من النبش وهو حركة في إبطاء، يقال: جاء نبشاً أي: مبطئاً متأخراً، والمعنى من أين لهم الحركة فيما لا حيلة لهم فيه، وعن ابن عباس قال: يسألون الرد إلى الدنيا فيقال وأنى لهم الرد إلى الدنيا. { مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } ، أي: من الآخرة إلى الدنيا.