الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ ءَاتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُواْ رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } * { قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } * { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ }

{ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } ، من الأمم رسلنا، وهم: عاد وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط وغيرهم، { وَمَا بَلَغُواْ } يعني: هؤلاء المشركين، { مِعْشَارَ } ، أي: عُشر، { مَآ ءَاتَيْنَـٰهُمْ } ، أي: أعطينا الأمم الخالية من القوة والنعمة وطول العمر، { فَكَذَّبُواْ رُسُلِى فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } ، أي: إنكاري وتغييري عليهم، يُحذّر كفار هذه الأمة عذاب الأمم الماضية. { قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَٰحِدَةٍ } ، آمركم وأوصيكم بواحدة أي بخصلة واحدة، ثم بيّن تلك الخصلة فقال: { أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ } ، لأجل الله، { مَثْنَىٰ } ، أي: اثنين اثنين، { وَفُرَادَىٰ } ، أي: واحداً واحداً، { ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ } ، جميعاً أي: تجتمعون فتنظرون وتتحاورون وتنفردون، فتفكرون في حال محمد صلى الله عليه وسلم فتعلموا، { مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ } ، جنون، وليس المراد من القيامِ القيامَ الذي هو ضد الجلوس، وإنما هو قيام بالأمر الذي هو في طلب الحق، كقوله:وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَـٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ } [النساء: 127]. { إِنْ هُوَ } ، ما هو، { إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } ، قال مقاتل: تم الكلام عند قوله " ثم تتفكروا " أي: في خلق السموات والأرض فتعلموا أن خالقهم واحد لا شريك له، ثم ابتدأ فقال: " ما بصاحبكم من جنة ". { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم عَلَيْهِ } على تبليغ الرسالة، { مِّن أَجْرٍ } جُعْلٍ { فَهُوَ لَكُمْ } يقول: قل لا أسألكم على تبليغ الرسالة أجراً فتتهموني، ومعنى قوله: { فَهُوَ لَكُمْ } أي: لم أسألكم شيئاً كقول القائل: ما لي من هذا فقد وهبته لك يريد ليس لي فيه شيء، { إِنْ أَجْرِىَ } ، ما ثوابي، { إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٍ }. { قُلْ إِنَّ رَبِّى يَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ } ، والقذف الرمي بالسهم والحصى، والكلام، ومعناه: يأتي بالحق وبالوحي ينزله من السماء فيقذفه إلى الأنبياء، { عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ } ، رفع بخبر أن، أي: وهو علام الغيوب.