الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ }

قوله تعالى: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } ، قرأ يعقوب وحفص: «يحشرهم»، وقرأ الآخرون بالنون، { جَمِيعاً } يعني: هؤلاء الكفار، { ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَـٰئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } في الدنيا، قال قتادة: هذا استفهام تقرير، كقوله تعالى لعيسى:أَءَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِى وَأُمِّىَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [المائدة: 116]، فتتبرأ منهم الملائكة. { قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ } ، تنزيهاً لك، { أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } ، أي: نحن نتولاك ولا نتولاهم، { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } ، يعني: الشياطين، فإن قيل هم كانوا يعبدون الملائكة فكيف وجه قوله: { يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } ، قيل: أراد الشياطين زينوا لهم عبادة الملائكة، فهم كانوا يطيعون الشياطين في عبادة الملائكة، فقوله: { يَعْبُدُونَ } أي: يطيعون الجن، { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } ، يعني: مصدقون للشياطين. ثم يقول الله: { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً } ، بالشفاعة، { وَلاَ ضَرّاً } بالعذاب، يريد أنهم عاجزون، لا نفع عندهم ولا ضر، { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ }. { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا } ، يعنون محمد صلى الله عليه وسلم، { إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى } ، يعنون القرآن، { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } ، أي بيّن. { وَمَآ ءَاتَيْنَـٰهُمْ } ، يعني: هؤلاء المشركين، { مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا } يقرؤونها، { وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ } ، أي: لم يأت العرب قبلك نبي ولا نزل عليهم كتاب.