قوله تعالى: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } ، قرأ يعقوب وحفص: «يحشرهم»، وقرأ الآخرون بالنون، { جَمِيعاً } يعني: هؤلاء الكفار، { ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَـٰئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } في الدنيا، قال قتادة: هذا استفهام تقرير، كقوله تعالى لعيسى:{ أَءَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِى وَأُمِّىَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [المائدة: 116]، فتتبرأ منهم الملائكة. { قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ } ، تنزيهاً لك، { أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } ، أي: نحن نتولاك ولا نتولاهم، { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } ، يعني: الشياطين، فإن قيل هم كانوا يعبدون الملائكة فكيف وجه قوله: { يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } ، قيل: أراد الشياطين زينوا لهم عبادة الملائكة، فهم كانوا يطيعون الشياطين في عبادة الملائكة، فقوله: { يَعْبُدُونَ } أي: يطيعون الجن، { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } ، يعني: مصدقون للشياطين. ثم يقول الله: { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً } ، بالشفاعة، { وَلاَ ضَرّاً } بالعذاب، يريد أنهم عاجزون، لا نفع عندهم ولا ضر، { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ }. { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا } ، يعنون محمد صلى الله عليه وسلم، { إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى } ، يعنون القرآن، { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } ، أي بيّن. { وَمَآ ءَاتَيْنَـٰهُمْ } ، يعني: هؤلاء المشركين، { مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا } يقرؤونها، { وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ } ، أي: لم يأت العرب قبلك نبي ولا نزل عليهم كتاب.