الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً }

قوله عزّ وجلّ: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } ، الآية. قال أكثر المفسرين: نزلت هذه الآية في شأن وليمة زينب بنت جحش حين بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا يحيى بن بكير، أخبرنا الليث عن عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني أنس بن مالك أنه كان ابن عشر سنين مَقدَم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم المدينة، قال: وكانت أم هانىء تواظبني على خدمة النبي صلى الله عليه وسلم، فخدمته عشر سنين، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشرين سنة، فكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل، فكان أول ما أنزل في مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش، أصبح النبي صلى الله عليه وسلم بها عروساً فدعا القوم فأصابوا من الطعام ثم خرجوا، وبقي رهط منهم عند النبي صلى الله عليه وسلم فأطالوا المكث، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخرج وخرجتُ معه لكي يخرجوا، فمشى النبي صلى الله عليه وسلم ومشيت حتى جاء حجرة عائشة، ثم ظن أنهم قد خرجوا فرجع ورجعت معه، حتى إذا دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يخرجوا، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، ورجعت معه حتى إذا بلغ عتبة حجرة عائشة وظن أنهم قد خرجوا فرجع ورجعت معه فإذا هم قد خرجوا، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينه الستر، وأنزل الحجاب. وقال أبو عثمان ـ واسمه الجعد ـ عن أنس قال: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت وأرخى الستر وإني لفي الحجرة، وهو يقول: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } إلى قوله: { وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ ٱلْحَقِّ }. وروي عن ابن عباس أنها نزلت في ناس من المسلمين كانوا يتحينون طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدخلون عليه قبل الطعام إلى أن يُدرَك ثم يأكلون ولا يخرجون، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأذى بهم، فنزلت: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } يقول إلا أن تُدْعَوْا، { إِلَىٰ طَعَامٍ } ، فيؤذن لكم فتأكلونه، { غَيْرَ نَـٰظِرِينَ إِنَـٰهُ } ، غير منتظرين إدراكه ووقت نضجه، يقال أَنَى الحميم: إذا انتهى حره، وأنَى أن يفعل ذلك: إذا حان، إِنَى بكسر الهمزة مقصورة، فإذا فتحتَها مددتَ فقلتَ الإِناء، وفيه لغتان إنى يأنى، وآن يئين، مثل حان يحين. { وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ } ، أكلتم الطعام، { فَٱنْتَشِرُواْ } ، تفرقوا واخرجوا من منزله، { وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } ، ولا طالبين الأنس للحديث، وكانوا يجلسون بعد الطعام يتحدثون طويلاً فنُهوا عن ذلك.

السابقالتالي
2