الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً }

{ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى ٱلنَّبِىِّ فَيَسْتَحْيِى مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ ٱلْحَقِّ } ، أي: لا يترك تأديبكم وبيان الحق حياءً. { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَـٰعاً فَٱسْـئَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } ، أي: من وراء ستر، فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلى امرأة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم متنقبة كانت أو غير متنقبة، { ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } من الريب. وقد صح في سبب نزول آية الحجاب ما أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أنا يحيى بن بكير، أخبرنا الليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كنّ يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع، وهو صعيد أفيح، وكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة - حرصاً على أن ينزل الحجاب -، فأنزل الله تعالى آية الحجاب. أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن الحيري، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي، أخبرنا عبد الرحيم بن منيب، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حميد، عن أنس قال: قال عمر: وافقني ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى؟ فأنزل الله " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " ، وقلت: يا رسول الله إنه يدخل عليك البَرُّ والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب؟ فأنزل الله آية الحجاب، قال: وبلغني بعض ما آذى به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نساؤُه، قال: فدخلتُ عليهنّ أستقربهنّ واحدة واحدة، قلت: والله لتنتهُنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ، حتى أتيت على زينب فقالت: يا عمر ما كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت، قال: فخرجت فأنزل الله عزّ وجلّ:عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ } [التحريم: 5] إلى أخر الآية. قوله عزّ وجلّ: { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ } ، ليس لكم أذاه في شيء من الأشياء، { وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً } ، نزلت في رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لئن قُبضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأنكحنَّ عائشة. قال مقاتل بن سليمان: هو طلحة بن عبيد الله، فأخبر الله عزّ وجلّ أن ذلك محرم، وقال: { إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً } ، أي ذنباً عظيماً. وروى معمر عن الزهري، أن العالية بنت ظبيان التي طلق النبيُّ صلى الله عليه وسلم تزوجت رجلاً وولدت له، وذلك قبل تحريم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس.

PreviousNext
1