{ ذَٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } ، يعني: ذلك الذي صنع ما ذكره من خلق السموات والأرض عالم مَا غابَ عن الخلق وما حضر، { ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }. { ٱلَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْءٍ خَلَقَهُ } ، قرأ نافع وأهل الكوفة { خلَقه } بفتح اللام على الفعل وقرأ الآخرون بسكونها، أي: أحسنَ خلْقَ كل شيء، قال ابن عباس: أتقنه وأحكمه. قال قتادة حسَّنه. وقال مقاتل: علم كيف يخلق كل شيء، من قولك: فلان يحسن كذا إذا كان يعلمه. وقيل: خلق كل حيوان على صورته ثم يخلق البعض على صورة البعض، فكل حيوان كامل في خلقه حسن، وكل عضو من أعضائه مقدر بما يصلح به معاشه. { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَـٰنِ مِن طِينٍ } ، يعني آدم. { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ } ، يعني ذريته، { مِن سُلاَلَةٍ } ، نطفة، سميت سلالة لأنها تسل من الإنسان { مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } ، أي: ضعيف وهو نطفة الرجل. { ثُمَّ سَوَّاهُ } ، ثم سوى خلقه، { وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } ثم عاد إلى ذريته، فقال: { وَجَعَلَ لَكُمُ } ، بعد أن كنتم نطفاً، { ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَـٰرَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } ، يعني: لا تشكرون ربَّ هذه النعم فتوحّدونه. { وَقَالُوۤاْ } ، يعني منكري البعث، { أَءِذَا ضَلَلْنَا } ، هلكنا، { فِى ٱلأَرْضِ } ، وصرنا تراباً، وأصله من قولهم: ضلَّ الماء في اللبن إذا ذهب، { أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } ، استفهام إنكار. قال الله عزّ وجلّ: { بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَـٰفِرُونَ } ، أي: بالبعث بعد الموت.