الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }

{ وَلَوْ شِئْنَا لأَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } ، رشدها وتوفيقها للإِيمان، { وَلَـٰكِنْ حَقَّ } ، وجب، { ٱلْقَوْلُ مِنْى لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } ، وهو قوله لإِبليس:لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [ صۤ: 85]. ثم يقال لأهل النارـ وقال مقاتل: إذا دخلوا النار قالت لهم الخزنة -: { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ } أي تركتم الإِيمان به في الدنيا، { إِنَّا نَسِينَـٰكُمْ } تركناكم، { وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ، من الكفر والتكذيب. قوله عزّ وجلّ: { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا } ، وعظوا بها { خَرُّواْ سُجَّداً } ، سقطوا على وجوههم ساجدين، { وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } ، قيل: صلّوا بأمر ربهم. وقيل: قالوا سبحان الله وبحمده، { وهم لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } ، عن الإِيمان والسجود له. { تَتَجَافَىٰ } ، ترتفع وتنبو، { جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } ، جمع مضجع، وهو الموضع الذي يضطجع عليه، يعني الفرش، وهم المتهجدون بالليل، الذين يقومون للصلاة. واختلفوا في المراد بهذه الآية قال أنس: نزلت فينا معشر الأنصار كنّا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم. وعن أنس أيضاً قال: نزلت في أُناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، وهو قول أبي حازم ومحمد بن المنكدر، وقالا: هي صلاة الأوابين. وروى عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إن الملائكة لتحف بالذين يصلون بين المغرب والعشاء، وهي صلاة الأوابين. وقال عطاء: هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة. وعن أبي الدرداء، وأبي ذر، وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم: هم الذين يصلون العشاء الآخرة والفجر في جماعة. وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى الفجر في جماعة كان كقيام ليلة ". أخبرنا أبو الحسن السرخسي، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب، عن مالك، عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلاّ أن يستهمُوا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً ". وأشهر الأقاويل أن المراد منه: صلاة الليل، وهو قول الحسن، ومجاهد، ومالك، والأوزاعي وجماعة. أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن معاذ بن جبل قال:

السابقالتالي
2 3