الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } * { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } * { وَمَآ أَنتَ بِهَادِ ٱلْعُمْيِ عَن ضَلاَلَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْقَدِيرُ }

{ فَٱنظُرْ إِلَىٰ ءَاثَـٰرِ رَحْمَةِ ٱللَّهِ } هكذا قرأ أهل الحجاز، والبصرة، وأبو بكر. وقرأ الآخرون: { إلى آثار رحمة الله } ، على الجمع، أراد برحمة الله: المطر أي: انظر إلى حسن تأثيره في الأرض، وقال مقاتل: أثر رحمة الله أي: نعمته وهو النبت، { كَيْفَ يُحْىِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ } ، يعني: أن ذلك الذي يحيي الأرض لمحيي الموتى، { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ }. { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا } ، باردة مضرة فأفسدت الزرع، { فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً } ، أي: والنبت والزرع مصفَرَّاً بعد الخضرة، { لَّظَلُّواْ } ، لصاروا، { مِن بَعْدِهِ } ، أي:من بعد إصفرار الزرع، { يَكْفُرُونَ } ، يجحدون ما سلف من النعمة، يعني: أنهم يفرحون عند الخصب، ولو أرسلت عذاباً على زرعهم جحدوا سالف نعمتي. { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ وَمَآ أَنتَ بِهَادِ ٱلْعُمْىِ عَن ضَلَـٰلَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِـئَايَـٰتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ }. { ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } ، قرىء بضم الضاد وفتحها، فالضم لغة قريش، والفتح لغة تميم، ومعنى " من ضعف " ، أي: من نطفة، يريد من ذي ضعف، أي: من ماء ذي ضعف كما قال تعالى:أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } [المرسلات: 20] { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ } ، من بعد ضعف الطفولة شباباً، وهو وقت القوة، { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً } ، هرماً، { وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } ، من الضعف والقوة والشباب والشيبة، { وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ } ، بتدبير خلقه، { ٱلْقَدِيرُ } ، على ما يشاء.