الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }

{ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ } أي: وبأن الله، وقرأ الكسائي بكسر الألف على الاستئناف. { لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }. أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد حدثنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: " تَكَفّلَ الله لمنْ جاهدَ في سبيله لا يُخرجُه من بيتهِ إلاّ الجهادُ في سبيلهِ وتصديقُ كلمتهِ، أنْ يُدخلَه الجنة أو يُرجعهَ إلى مسكنِه الذي خرجَ منه مع ما نال من أجرٍ وغنيمة ". وقال: " والذي نفسي بيده لا يُكْلَمُ أحدٌ في سبيل الله - والله أعلم بمن يُكلم في سبيلِه - إلا جاء يوم القيامة وجُرحه يثعبُ دماً اللونُ لونُ الدم والريحُ ريحُ المسك ". أخبرنا الإِمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان أنا علي بن الحسن الداربجردي أنا عبد الله بن يزيد المقرئ أنا سعيد حدثني محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: " الشهيدُ لا يجدُ ألمَ القتلِ إلاّ كما يجدُ أحدُكم ألمَ القَرْصَة ". قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } الآية وذلك أن أبا سفيان وأصحابه لمّا انصرفوا من أحد فبلغوا الروحاء ندموا على انصرافهم وتلاوموا وقالوا: لا محمداً قتلتم ولا الكواعب أردفتم، قتلتموهم حتى إذا لم يبقَ إلا الشريد تركتموهم؟ ارجعوا فاستأصلوهم، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأراد أن يُرهب العدو، ويُريهم من نفسه وأصحابه قوةً فندب أصحابَه للخروج في طلب أبي سفيان، فانتدب عصابةً منهم مع ما بهم من الجراح والقرح الذي أصابهم يوم أُحد ونادَى منادي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ألاَ لاَ يخرجنّ معنا أحدٌ إلاّ من حضرَ يومنا بالأمس، فكلّمه جابر بن عبد الله، فقال: يا رسول الله إنّ أبي كان قد خلفني على أخوات لي سبع، وقال لي: يا بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجلَ فيهنّ، ولستُ بالذي أُوثرك على نفسي في الجهاد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فتخلّفْ على أخواتك، فتخلفتُ عليهن، فأذنَ له رسول الله صلّى الله عليه وسلم فخرج معه. وإنّما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم مُرْهباً للعدو، وليبلغهم أنه خرج في طلبهم فيظنوا به قوة وأن الذي أصابهم لم يُوهنهم فينصرفوا.

السابقالتالي
2 3