الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ } * { ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } * { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }

{ وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } ، بأحد من القتل والجرح والهزيمة، { فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ } ، أي: بقضائه وقدره، { وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، أي: ليُميّز، وقيل: ليَرى. { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، أي: لأجل دين الله وطاعته، { أَوِ ٱدْفَعُواْ } ، عن أهلكم وحريمكم، وقال السدي: أي: كثّروا سوادَ المسلمين ورابطوا إن لم تُقاتلوا يكونُ ذلك دفعاً وقمعاً للعدو، { قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَـٰكُمْ } ، وهو عبد الله بن أُبيّ وأصحابه الذين انصرفوا عن أُحد وكانوا ثلاثمائة، قال الله تعالى: { هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ } أي: إلى الكفر يومئذ أقربُ { مِنْهُمْ لِلإِيمَـٰنِ } أي: إلى الإِيمان، { يَقُولُونَ بِأَفْوَٰهِهِم } ، يعني: كلمة الإِيمان { مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ }. { ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ } ، في النّسب لا في الدين وهم شهداء أُحد { وَقَعَدُواْ } يعني: قعد هؤلاء القائلون عن الجهاد { لَوْ أَطَاعُونَا } ، وانصرفوا عن محمد صلّى الله عليه وسلم وقعدوا في بُيوتهم { مَا قُتِلُوا قُلْ } ، لهم يا محمد، { فَادْرَءُوا } ، فادفعوا، { عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } ، إن الحذرَ لا يُغني عن القدر. قوله تعالى: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً } الآية، قيل: نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر رجلاً ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين. وقال آخرون: نزلت في شهداء أُحد وكانوا سبعين رجلاً أربعة من المهاجرين حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير وعثمان بن شماس وعبد الله بن جحش وسائرهم من الأنصار. أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري أنا حاجب بن أحمد الطوسي أنا محمد بن حماد أنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال: سألنا عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنهما عن هذه الآية: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } الآية، قال: أما أنّا قد سألنا عن ذلك فقال: «أرواحُهم كطير خضر» ويُروى «في جوفِ طير خضرٍ لها قناديلُ معلقة بالعرش تسرحُ في أيها شاءتْ ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش فبينما هم كذلك إذ اطلع عليهم ربُّك اطّلاعةً فقال: سلوني ما شئتم فقالوا: يارب كيف نسألك ونحن نسرحُ في الجنة في أيها شئنا؟، فلما رأوا أن لا يُتركوا من أن يسألوا شيئاً قالوا: إنا نسألك أن تردَّ أرواحنا إلى أجسادنا نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلمّا رأى أنهم لا يسألون إلا هذا تُركوا». أخبرنا أبو سعيد الشريحي أنا أبو إسحاق الثعلبي أن عبد الله بن حامد أخبرنا أحمد بن محمد بن شاذان أنا جيعوية أنا صالح بن محمد أنا سليمان بن عمرو عن إسماعيل بن أمية عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال: رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3 4