الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ } * { أَوَلَمَّآ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } ، قيل: أراد به العرب لأنه ليس حيُّ من أحياء العرب إلا وله فيهم نسب إلا بني ثعلبة، دليله قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ } وقال الآخرون: أراد به جميع المؤمنين، ومعنى قوله تعالى: { مِّنْ أَنفُسِهِمْ } أي: بالإِيمان والشفقة لا بالنسب، ودليله قوله تعالى: لقد جاءكم رسولٌ من أنفسِكم، { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا } ، وقد كانوا، { مِن قَبْلُ } أي: من قبل بعثه { لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }. { أَوَلَمَّا } أي: حين { أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ } ، بأحد، { قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا } ، يوم بدر، وذلك أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أُحد سبعين وقتل المسلمون منهم ببدر سبعين وأسروا سبعين، { قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا } ، من أين لنا هذا القتلُ والهزيمةُ ونحن مسلمونَ ورسول الله صلّى الله عليه وسلم فينا؟ { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } روى عبيدة السلماني عن علي رضي الله عنه، قال: جاء جبريل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الفداء من الأسارى، وقد أمرك أن تخيرهم بين أن يقدموا فتضرب أعناقهم، وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم فذكر ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم للناس، فقالوا: يا رسول الله عشائرنا وإخواننا، لا بل نأخذ منهم فداءهم فنقوى بها على قتال عدونا، ويستشهد منا عدتهم، [فقتل منهم يوم أُحد] سبعون من أسارى أهل بدر. فهذا معنى قوله تعالى: { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } أي: بأخذكم الفداء واختياركم القتل، { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ }.