الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ }

قوله تعالى: { قدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُم سُنَنٌ } ، قال عطاء: شرائع، وقال الكلبي: مضتْ لكل أمة سُنّة ومنهاج إذا اتبعوها رضي الله عنهم، وقال مجاهد: قد خلت من قبلكم سُننٌ بالهَلاكِ فيمن كذّب قبلكم، وقيل: سُنَنٌ أي: أُمَمٌ، والسّنّةُ: الأمّةُ، قال الشاعر:
ما عاينَ الناسُ من فضلٍ كفضلِكم   ولا رأوا مثلكم في سالف السّنَنِ
وقيل معناه: أهل السنن، والسنة هي: الطريقة المتبعة في الخير والشر، يقال: سنَّ فلانٌ سُنّةً حسنةً، وسُنَّةً سيئةً إذا عمل عملاً اقْتُدِي بهِ مِنْ خيرٍ وشر. ومعنى الآية: قد مضتْ وسلفتْ مني سننٌ فيمن كان قبلكم من الأُممِ الماضيةِ الكافرة، بإمهالي واستدراجي إيَّاهم حتى يبلغ الكتاب فيهم أجلي الذي أجلتُه لإِهلاكهم، وإدَالةُ أنبيائي عليهم. { فَسِيرُواْ فِى ٱلأرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } ، أي: آخر أمر المكذبين، وهذا في حرب أُحد، يقول الله عزّ وجلّ: فأنا أُمهلهم وأستدرجهم حتى يبلغ أجلي الذي أجلت في نصرة النبي صلّى الله عليه وسلم وأوليائه وإهلاك أعدائه. { هَـٰذَا } أي: هذا القرآن، { بَيَانٌ لِّلنَّاسِ } ، عامة، { وَهُدًى } ، من الضلالة، { وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } ، خاصة.