الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ }

قوله تعالى: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } ، يعني كفار مكة، { مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ }. { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٍ }. { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } ، على أن الفاعل لهذه الأشياء هو الله، { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } ، وقيل: قل الحمد لله على إقرارهم ولزوم الحجة عليهم، { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } ، ينكرون التوحيد مع إقرارهم بأنه الخالق لهذه الأشياء. قوله تعالى: { وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ } ، اللهو هو: الاستمتاع بلذات الدنيا، واللَّعِب: العبث، سميت بها لأنها فانية. { وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلأَخِرَةَ لَهِىَ ٱلْحَيَوَانُ } ، أي: الحياة الدائمة الباقية، و " الحيوان ": بمعنى الحياة، أي: فيها الحياة الدائمة، { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } ، فناء الدنيا وبقاء الآخرة. قوله تعالى: { فَإذَا رَكِبواْ فِى ٱلْفُلْكِ } وخافوا الغرق، { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } ، وتركوا الأصنام، { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } ، هذا إخبار عن عنادهم وأنهم عند الشدائد يقرّون أن القادر على كشفها هو الله عزّ وجلّ وحده، فإذا زالت عادوا إلى كفرهم. قال عكرمة: كان أهل الجاهلية إذا ركبوا البحر حملوا معهم الأصنام فإذا اشتدت بهم الريح ألقوها في البحر وقالوا: يا رب يا رب. { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيْنَـٰهُمْ } ، هذه لام الأمر، ومعناه التهديد والوعيد، كقوله:ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } [فصلت: 40]، أي: ليجحدوا نعمة الله في إنجائه إيّاهم، { وَلِيَتَمَتَّعُواْ } ، قرأ حمزة، والكسائي: ساكنة اللام، وقرأ الباقون بكسرها نسقاً على قوله: «ليكفروا»، { فَسَوْفَ يَعلَمُونَ } ، قيل: مَنْ كسر اللام جعلها لام كي وكذلك في ليكفروا، والمعنى لا فائدة لهم في الإِشراك إلا الكفر والتمتع بما يتمتعون به في العاجلة من غير نصيب في الآخرة. { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءَامَناً ويُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهمْ } ، يعني العرب، يسبي بعضهم بعضا، وأهل مكة آمنون، { أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ } ، بالأصنام والشيطان، { يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ } ، بمحمد والإِسلام، { يَكْفُرُونَ }.