الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } * { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ } بالقرآن وبالبعث، { أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِى } ، جنتي، { وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، فهذه الآيات في تذكير أهل مكة وتحذيرهم، وهي معترضة في قصة إبراهيم، فقال جل ذكره: { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ } ، وجعلها عليه برداً وسلاماً، { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لاََيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ، يصدقون. { وَقَالَ } يعني إبراهيم لقومه: { إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَـٰناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ } ، قرأ ابن كثير، والكسائي، وأبو عمرو، ويعقوب: «مودةُ» رفعاً بلا تنوين، «بينكم» خفضاً بالإِضافة على معنى: إن الذين اتخذتم من دون الله أوثاناً هي مودة بينكم، { فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } ، ثم هي تنقطع ولا تنفع في الآخرة. ونصب حمزة، وحفص: «مودةَ» من بغير تنوين على الإِضافة بوقوع الاتخاذ عليها. وقرأ اللآخرون «مودةً» منصوبة منونة " بينكُم " بالنصب، معناه إنكم إنما اتخذتم هذه الأوثان مودةً بينكم في الحياة الدنيا تتواردون على عبادتها وتتواصلون عليها في الدنيا. { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } ، تتبرأ الأوثان من عابديها، وتتبرأ القادة من الأتباع ويلعن الأتباع القادة، { وَمَأْوَاكُمُ } ، جميعاً العابدون والمعبودون، { ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّـٰصِرِينَ }. { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ } ، يعني: صدقه وهو أول من صدّق إبراهيم وكان ابن أخيه، { وَقَالَ } يعني إبراهيم { إِنِّى مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّىۤ } ، فهاجر من كوثى، وهو من سواد الكوفة إلى حران ثم إلى الشام، ومعه لوط وامرأته سارة، وهو أول من هاجر، قال مقاتل: هاجر إبراهيم عليه السلام وهو ابن خمس وسبعين سنة، { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }.