الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } * { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

{ وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ } ، مثل عاد وثمود وغيرهم فأهلكوا، { وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ }. { أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ } ، كيف يخلقهم ابتداء نطفة ثم علقة ثم مضغة { ثُمَّ يُعِيدُهُ } في الآخرة عند البعث { إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ }. { قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ } ، فانظروا إلى ديارهم وآثارهم كيف بدأ خلقهم، { ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخِرَةَ } ، أي: ثم الله الذي خلقها ينشئها نشأة ثانية بعد الموت، فكما لم يتعذر عليه إحداثها مبدءاً لا يتعذر عليه إنشاؤها معيداً. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: «النشأة» بفتح الشين ممدودة حيث وقعت، وقرأ الآخرون بسكون الشين مقصورة نظيرها الرّافة والرأفة. { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ }. { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } ، تردون. { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى ٱلأَرْضِ وَلاَ فِى ٱلسَّمَآءِ } ، فإن قيل ما وجه قوله: { وَلاَ فِى ٱلسَّمَآءِ } والخطاب مع الآدميين، وهم ليسوا في السماء؟. قال الفراء: معناه ولا من في السماء بمعجز، كقول حسان بن ثابت:
فَمَنْ يَهْجُو رسولَ الله مِنْكُمْ   وَيَمْدَحُهُ ويَنْصُرُهُ سَوَاءُ
أراد: من يمدحه ومن ينصره، فأضمر " من " ، يريد: لا يعجزه أهل الأرض في الأرض، ولا أهل السماء في السماء. وقال قطرب: معناه: وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء لو كنتم فيها، كقول الرجل: لا يفوتني فلان هاهنا ولا بالبصرة، أي: ولا بالبصرة لو كان بها، { وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } ، أي: من وليٍّ يمنعكم مني ولا نصير ينصركم من عذابي.