الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

{ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } صدقوا فثبتوا على الإِسلام عند البلاء، { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ } ، بترك الإِسلام عند نزول البلاء. واختلفوا في نزول هذه الآية. قال مجاهد: نزلت في ناس كانوا يؤمنون بألسنتهم، فإذا أصابهم بلاءٌ من الناس أومصيبة في أنفسهم افتتنوا. وقال عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه: نزلت في الذين أخرجهم المشركون إلى بدر، وهم الذين نزلت فيهم:إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ ظَالِمِيۤ أَنفُسِهِمْ } [النساء: 97]. وقال قتادة: نزلت في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة. وقال الشعبي: وهذه الآيات العشر من أول السورة إلى هاهنا مدنية، وباقي السورة مكية. { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا } ، قال مجاهد: هذا من قول كفار مكة لمن آمن منهم. وقال الكلبي ومقاتل: قاله أبو سفيان لمن آمن من قريش " اتبعوا سبيلنا ": ديننا وملة آبائنا ونحن الكفلاء بكل تبعة من الله تصيبكم، فذلك قوله: { وَلْنَحْمِلْ خَطَـٰيَـٰكُمْ } أوزاركم، قال الفرَّاء: لفظه أمر ومعناه جزاء، مجازه: إن اتبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم، كقوله:فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ } [طه: 39]، وقيل: هو جزم على الأمر، كأنهم أمروا أنفسهم بذلك، فأكذبهم الله عزّ وجلّ فقال: { وَمَا هُمْ بِحَـٰمِلِينَ مِنْ خَطَـٰيَـٰهُمْ مِّن شَىْءٍ إِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } ، فيما قالوا من حمل خطاياهم.