الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَارِثِينَ } * { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِيۤ أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي ٱلْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } * { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ }

قوله عزّ وجلّ: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ } ، أي من أهل قرية، { بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا } ، أي: في معيشتها، أي أشرت وطغت، قال عطاء: عاشُوا في البطر فأكلوا رزق الله وعبدوا الأصنام، { فَتِلْكَ مَسَـٰكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً }. قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يسكنها إلا المسافرون ومارُّ الطريق، يوماً أو ساعة، معناه: لم تسكن من بعدهم إلا سكوناً قليلاً. وقيل: معناه لم يعمر منها إلا أقلها وأكثرها خراب، { وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَٰرِثِينَ } ، كقوله:إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا } [مريم: 40]. { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ } ، أي: القرى الكافر أهلها، { حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِىۤ أُمِّهَا رَسُولاً } ، يعني: في أكبرها وأعظمها رسولاً ينذرهم، وخص الأعظم ببعثة الرسول فيها، لأن الرسول يبعث إلى الأشراف والأشراف يسكنون المدائن، والمواضع التي هي أمُّ ما حولها، { يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتِنَا } ، قال مقاتل: يخبرهم الرسول أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا، { وَمَا كُنَّا مُهْلِكِى ٱلْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَـٰلِمُونَ } ، مشركون، يريد أهلكتهم بظلمهم. { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَىْءٍ فَمَتَـٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا } تتمتعون بها أيام حياتكم ثم هي إلى فناء وانقضاء، { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ، أن الباقي خير من الفاني. قرأ عامة القراء: «تعقلون» بالتاء وأبو عمرو بالخيار بين التاء والياء. { أَفَمَن وَعَدْنَـٰهُ وَعْداً حَسَناً } أي الجنة، { فَهُوَ لاَقِيهِ } ، مصيبه ومدركه وصائر إليه، { كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَـٰعَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } ، ويزول عن قريب { ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } ، النار، قال قتادة: يعني المؤمن والكافر، قال مجاهد: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وأبي جهل. وقال محمد بن كعب نزلت في حمزة وعلي وأبي جهل. وقال السدي: نزلت في عمار والوليد بن المغيرة.