الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلاۤ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } * { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } * { وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدْرَؤُنَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ }

{ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ } بناحية الجبل الذي كلم الله عليه موسى، { إِذْ نَادَيْنَا } قيل: إذْ نادَيْنَا موسى: خذِ الكتاب بقوّة. وقال وهب: قال موسى: يا ربِّ أرني محمداً، قال: إن لن تصل إلى ذلك، وإن شئت ناديت أمته وأسمعتك أصواتهم، قال: بلى يا رب، قال الله تعالى: يا أمة محمد فأجابوه من أصلاب آبائهم. وقال أبو زرعة بن عمرو بن جرير: نادى يا أمة محمد قد أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما - ورفعه بعضهم -، قال الله: يا أمة محمد، فأجابوه من أصلاب الآباء وأرحام الأمهات: لبيك اللهم لبيك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. قال الله تعالى: يا أمة محمد إن رحمتي سبقت غضبي وعفوي سبق عقابي، قد أعطيتكم من قبل أن تسألوني وقد أجبتكم من قبل أن تدعوني، وقد غفرت لكم من قبل أن تعصوني، من جاءني يوم القيامة بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبدي ورسولي دخل الجنة، وإن كانت ذنوبه أكثر من زبد البحر. قوله تعالى: { وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } ، أي: ولكن رحمناك رحمة بإرسالك وبالوحي إليك وإطلاعك على الأخبار الغائبة عنك، { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَـٰهُم مِّن نَّذِيرٍ مِن قَبْلِك } ، يعني: أهل مكة، { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }. { وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ } عقوبة ونقمة، { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } من الكفر والمعصية { فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ } ،هلاَّ، { أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتِّبِعَ ءايَـٰتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، وجواب " لولا " محذوف، أي: لعاجلناهم بالعقوبة، يعني: لولا أنهم يحتجون بترك الإِرسال إليهم لعاجلناهم بالعقوبة بكفرهم. وقيل: معناه لما بعثناك إليهم رسولاً ولكن بعثناك إليهم لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل. { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا } ، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، { قَالُواْ } ، يعني: كفار مكة، { لَوْلاۤ } ، هلا، { أُوتِىَ } ، محمد، { مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ } ، من الآيات كاليد البيضاء والعصا، وقيل: مثل ما أوتي موسى كتاباً جملة واحدة. قال الله تعالى: { أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } ، أي: فقد كفروا بآيات موسى كما كفروا بآيات محمد، { قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَـٰهَرَا } ، قرأ أهل الكوفة: «سحران»، أي التوراة والقرآن " تظاهرا " يعني: كل سحر يقوي الآخر، نسب التظاهر إلى السحرين على الاتساع. قال الكلبي: كانت مقالتهم تلك حين بعثوا إلى رؤوس اليهود بالمدينة، فسألوهم عن محمد فأخبروهم أن نعته في كتابهم التوراة، فرجعوا فأخبروهم بقول اليهود، فقالوا: سِحْرَانِ تظاهرا. وقرأ الآخرون: «ساحران» يعنون محمداً وموسى عليهما السلام، لأن معنى التظاهر بالناس وأفعالهم أشبه منه بالكتب، { وَقَالُواْ إِنَّا بِكلٍّ كَـٰفِرُونَ }. { قُلْ } ، لهم يا محمد، { فَأْتُواْ بِكِتَـٰبٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ } ، يعني: من التوراة والقرآن، { أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ }.

السابقالتالي
2 3