الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَأَنْ أَتْلُوَاْ ٱلْقُرْآنَ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

{ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ } ، يعني الشرك، { فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِى ٱلنَّارِ } ، يعني ألقوا على وجوههم، يقال: كَبَبْتُّ الرجلَ: إذا ألقيتُه على وجهه، فانكبَّ وأكبَّ، وتقول لهم خزنة جهنم: { هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ، في الدنيا من الشرك. قوله تعالى: { إِنَّمَآ أُمِرْتُ } ، يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم قل إنما أُمرت، { أَنْ أَعْبُدَ رَبِّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ } يعني مكة، { ٱلَّذِى حَرَّمَهَا } ، جعلها الله حرماً آمناً لا يسفك فيها دم، ولا يظلم فيها أحد، ولا يصاد صيدها، ولا يختلى خلاها، { وَلَهُ كُلُّ شَىءٍ } ، خلقاً وملكاً، { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } ، لله. { وَأَنْ أَتْلُوَ ٱلْقُرْءَانَ } ، يعني وأُمرت أن أتلو القرآن، { فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِ } ، أي: نفع اهتدائه يرجع إليه، { وَمَن ضَلَّ } ، عن الإِيمان وأخطأ طريق الهدى، { فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } ، من المخوفين فليس عليّ إلاّ البلاغ، نسختها آية القتال. { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ } ، على نعمه، { سَيُرِيكُمْ ءَايَـٰتِهِ } ، يعني: يوم بدر، من القتل والسبي وضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم، نظيره قوله عزّ وجلّ:سَأُوْرِيكُمْ ءَايَـٰتِى فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } [الأنبياء: 37]، وقال مجاهد: سيريكم آياته في السماء والأرض وفي أنفسكم، كما قال:سَنُرِيهِمْ ءَايَـٰتِنَا فِى ٱلأَفَاقِ وَفِىۤ أَنفُسِهِمْ } [فصلت: 53]، { فَتَعْرِفُونَهَا } ، يعني: تعرفون الآيات والدلالات، { وَمَا رَبُّكَ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } ، وعدهم بالجزاء على أعمالهم.