الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } * { قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } * { وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ }

قوله تعالى: { وَكَانَ فِى ٱلْمَدِينَةِ } يعني: مدينة ثمود، وهي الحِجْر، { تِسْعَةُ رَهْطٍ } ، من أبناء أشرافهم، { يُفْسِدُونَ فِى ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } ، وهم الذين اتفقوا على عقر الناقة، وهم غواة قوم صالح، ورأسهم قدار بن سالف، وهو الذي تولى عقرها، كانوا يعملون بالمعاصي. { قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ } ، تحالفوا، يقول بعضهم لبعض: احلفوا بالله أيها القوم. وموضع " تقاسموا " جزم على الأمر، وقال قوم: محله نصب على الفعل الماضي، يعني: أنهم تحالفوا وتواثقوا، تقديره: قالوا متقاسمين بالله، { لَنُبَيِّتَنَّهُ } ، أي: لنقتلنّه بَيَاتاً أي ليلاً، { وَأَهْلَهُ } ، أي: قومه الذين أسلموا معه، وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي «لتبيتنه» و«لتقولن» بالتاء فيهما وضم لام الفعل على الخطاب، وقرأ الآخرون بالنون فيهما وفتح لام الفعل، { ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ } ، أي: لولي دمه، { مَا شَهِدْنَا } ، ما حضرنا، { مَهْلِكَ أَهْلِهِ } ، أي: إهلاكهم، ولا ندري من قتله، ومن فتح الميم فمعناه هلاك أهله، { وَإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ } ، في قولنا ما شهدنا ذلك. { وَمَكَرُواْ مَكْراً } ، غدروا غدراً حين قصدوا تبييت صالح والفتك به، { وَمَكَرْنَا مَكْراً } ، جزيناهم على مكرهم بتعجيل عقوبتهم، { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }. { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا } ، قرأ أهل الكوفة «أنا» بفتح الألف رداً على العاقبة، أي أنا دمرناهم، وقرأ الآخرون «إنا» بالكسر على الاستئناف، { دَمَّرْنَـٰهُمْ } ، أي أهلكناهم التسعة. واختلفوا في كيفية هلاكهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: أرسل الله الملائكة تلك الليلة إلى دار صالح يحرسونه فأتى التسعة دار صالح شاهرين سيوفهم، فرمتهم الملائكة بالحجارة من حيث يرون الحجارة ولا يرون الملائكة، فقتلتهم. قال مقاتل: نزلوا في سفح جبل ينظر بعضهم بعضاً ليأتوا دار صالح، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم. { وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } ، أهلكهم الله بالصيحة.