الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } * { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوۤءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْءَانَ } ، أي تُؤتى القرآن وتلقن، { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } ، أي وحياً من عند الله الحكيم العليم. قوله عزّ وجلّ: { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ } ، أي واذكر يا محمد إذ قال موسى لأهله في مسيره من مدين إلى مصر: { إِنِّىۤ آنَسْتُ نَاراً } ، أي أبصرت ناراً، { سَـئَاتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ } ، أي: امكثوا مكانكم، سآتيكم بخبر عن الطريق، وكان قد ترك الطريق، { أَوْ ءَاتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ } ، قرأ أهل الكوفة: " بشهاب " بالتنوين، جعلوا القبس نعتاً للشهاب، وقرأ الآخرون بلا تنوين على الإِضافة، وهو إضافة الشيء إلى نفسه، لأن الشهاب والقبس متقاربان في المعنى، وهو العود الذي في أحد طرفيه فيه نار، وليس في الطرف الآخر نار. وقال بعضهم: الشهاب هو شيء ذو نور، مثل العمود، والعرب تسمي كل أبيضٍ ذي نور شهاباً، والقبس: القطعة من النار، { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } ، تستدفئون من البرد وكان ذلك في شدة الشتاء. { فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِىَ أَن بُورِكَ مَن فِى ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا } ، أي بورك على من في النار أو في مَنْ في النار، والعرب تقول: باركه الله وبارك فيه، وبارك عليه، بمعنى واحد. وقال قوم: البركة راجعة إلى موسى والملائكة، معناه: بورك في من طلب النار، وهو موسى عليه السلام، { ومن حولها } وهم الملائكة الذين حول النار، ومعناه: بورك فيك يا موسى وفي الملائكة الذين حول النار، وهذا تحية من عند الله عزّ وجلّ لموسى بالبركة، كما حيا إبراهيم على ألسنة الملائكة حين دخلوا عليه فقالوا: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت. ومذهب أكثر المفسرين أن المراد بالنار النور، وذكر بلفظ النار لأن موسى حسبه ناراً " من في النار " هم الملائكة، وذلك أن النور الذي رآه موسى كان فيه ملائكة لهم زجل بالتقديس والتسبيح، و " من حولها " هو موسى لأنه كان بالقرب منها، ولم يكن فيها. وقيل: " مَنْ في النار ومَنْ حولها " جميعاً الملائكة. وقيل: " من في النار " موسى و " من حولها " الملائكة، وموسى وإن لم يكن في النار كان قريباً منها، كما يقال بلغ فلان المنزل، إذا قرب منه، وإن لم يبلغه بعد. وذهب بعضهم إلى أن البركة راجعة إلى النار. وروى مجاهد عن ابن عباس أنه قال: معناه بُوركتِ النار. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سمعت أُبيّاً يقرأ: أن بوركت النار ومن حولها، و " من " قد تأتي بمعنى ما، كقوله تعالى:فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَىٰ بَطْنِهِ } [النور: 45]، و«ما» قد تكون صلة في الكلام، كقولهجُندٌ مَّا هُنَالِكَ } [ص: 11]، ومعناه: بورك في النار وفيمن حولها، وهم الملائكة وموسى عليه السلام، وسمَّى النار مباركة كما سمي البقعة مباركة فقال: " في البقعة المباركة ".

السابقالتالي
2 3