الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } * { فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

{ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ } وعظ وتذكير، { مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ } ، أي: محدث إنزاله، فهو محدث في التنزيل. قال الكلبي: كلما نزل شيء من القرآن بعد شيء فهو أحدث من الأول، { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } ، أي عن الإِيمان به. { فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ } أي: فسوف يأتيهم، { أَنبَاء } ، أخبار وعواقب، { مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ }. { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ } صنف وضرب، { كَرِيمٍ } ، حسن من النبات مما يأكل الناس والأنعام، يقال: نخلة كريمة إذا طاب حملها، وناقة كريمة إذا كثر لبنها. قال الشعبي: الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم، ومن دخل النار فهو لئيم. { إِنَّ فِي ذَلِكَ } الذي ذكرت، { لأَيَةً } ، دلالة على وجودي وتوحيدي وكمال قدرتي، { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } ، مصدِّقين، أي سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون. وقال سيبويه: " كان " ههنا صلة مجازه: وما أكثرهم مؤمنين. { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } العزيز بالنقمة من أعدائه، { ٱلرَّحِيمُ } ، ذو الرحمة بأوليائه. قوله عزّ وجلّ: { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ } ، واذكر يا محمد إذ نادى ربك موسى حين رأى الشجرة والنار، { أَنِ ٱئْتَ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } ، يعني الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية، وظلموا بني إسرائيل باستعبادهم وسومهم سوء العذاب.