الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } * { قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } * { أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } * { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } * { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ }

{ قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } ، معناه: إنها لا تسمع قولاً، ولا تجلب نفعاً، ولا تدفع ضراً، لكن اقتدينا بآبائنا. فيه إبطال التقليد في الدين. { قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } الأولون. { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِىۤ } ، أي: أعداء لي، ووحَّده على معنى أن كلَّ معبودٍ لكم عدو لي. فإن قيل: كيف وصف الأصنام بالعداوة وهي جمادات؟ قيل: معناه فإنهم عدوٌ لي لو عبدتهم يوم القيامة، كما قال تعالى:سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [مريم: 82]. وقال الفرَّاء: هو من المقلوب، أراد: فإني عدوٌ لهم لأن من عاديته فقد عاداك. وقيل: " فإنهم عدو لي " على معنى إني لا أتولاَّهم ولا أطلب من جهتهم نفعاً، كما لا يُتَوَلَّى العدو، ولا يُطْلب من جهته النفع. قوله: { إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } ، اختلفوا في هذا الاستثناء، قيل: هو استثناء منقطع، كأنه قال: فإنهم عدو لي لكن رب العالمين وليي. وقيل: إنهم كانوا يعبدون الأصنام مع الله، فقال إبراهيم: كل من تعبدون أعدائي إلاّ ربَّ العالمين. وقيل: إنهم غير معبود لي إلاّ ربَّ العالمين، فإني أعبده. وقال الحسين بن الفضل: معناه إلا من عَبَد ربَّ العالمين. ثم وصف معبوده فقال: { ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } أي: يرشدني إلى طريق النجاة. { وَٱلَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ } ، أي: يرزقني ويغذني بالطعام والشراب، فهو رازقي ومِنْ عنده رزقي.