الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } * { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } * { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } * { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ }

{ فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِى ٱلْمَدَآئِنِ حَـٰشِرِينَ } ، يحشرون الناس يعني: الشُّرَطَ ليجمعوا السحرة. وقيل: حتى يجمعوا له الجيش، وذكر بعضهم: أنه كان له ألف مدينة واثنا عشرة ألف قرية. وقال لهم: { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ } ، عصابة { قَلِيلُونَ } ، والشرذمة القطعة من الناس غير الكثير، وجمعها شراذم. وقال أهل التفسير: كانت الشرذمة الذين قلَّلهم فرعون ستمائة ألف. وعن ابن مسعود قال: كانوا ستمائة وسبعين ألفاً ولا يحصى عدد أصحاب فرعون. { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } يقال، غاظه وأغاظه وغيظه إذا أغضبه، والغيظ والغضب واحد، يقول: أغضبونا بمخالفتهم ديننا وقتلهم أبكارنا وذهابهم بأموالنا التي استعاروها، وخروجهم من أرضنا بغير إذن منّا. { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَـٰذِرُونَ } ، قرأ أهل الحجاز والبصرة «حذرون» و«فرهين» بغير ألف وقرأ الآخرون «حاذرون» و«فارهين» بالأف فيهما، وهما لغتان. وقال أهل التفسير: حاذرون، أي: مُؤْدُون ومقوون، أي: ذو أداة وقوة مستعدون شاكون في السلاح، ومعنى " حذرون " أي خائفون شرهم. وقال الزجاج: " الحاذر " المستعد، و " الحَذٍر ": المتيقظ. وقال الفرَّاء: " الحاذر ": الذي يحذرك الآن، و " الحذر " المخوف. وكذلك لا تلقاه إلاّ حذراً. والحَذَر: اجتناب الشيء خوفاً منه. { فَأَخْرَجْنَـٰهُمْ مِّن جَنَّـٰتٍ } ، وفي القصة: البساتين كانت ممتدة على حافتي النيل، { وَعُيُونٍ } ، أنهار جارية. { وَكُنُوزٍ } ، يعني الأموال الظاهرة من الذهب والفضة. قال مجاهد: سماها كنوزاً لأنه لم يعط حق الله منها، وما لم يعط حق الله منه فهو كنز، وإن كان ظاهراً، قيل: كان لفرعون ثمانمائة ألف غلام، كل غلام على فرس عتيق، في عنق كل فرس طوق من ذهب، { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } ، أي مجلس حسن. قال المفسرون: أراد مجالس الأمراء والرؤساء التي كانت تحفها الأتباع. وقال مجاهد، وسعيد بن جبير: هي المنابر. وذكر بعضهم: أنه كان إذا قعد على سريره وضع بين يديه ثلاثمائة كرسي من ذهب يجلس عليها الأشراف عليهم الأقبية من الديباج مَخُوصة بالذهب.