الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ }

{ لَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ } ، قاتل نفسك { أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } ، أي: إن لم يؤمنوا، وذلك حين كذب أهل مكة فشقَّ عليه ذلك، وكان يحرص على إيمانهم، فأنزل الله هذه الآية. { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ءَايَةً فَظَلَّتْ أَعْنَـٰقُهُمْ لَهَا خَـٰضِعِينَ } ، قال قتادة: لو شاء الله لأنزل عليهم آية يذلون بها، فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله. وقال ابن جريج: معناه: لو شاء الله لأراهم أمراً من أمره، لا يعمل أحد منهم بعده معصية. وقوله عزّ وجلّ: { خَـٰضِعِينَ } ولم يقل خاضعة وهي صفة الأعناق، وفيه أقاويل أحدها: أراد أصحاب الأعناق، فحذف الأصحاب وأقام الأعناق مقامهم، لأن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون، جعل الفعل أولاً للأعناق، ثم جعل خاضعين للرجال. وقال الأخفش: ردَّ الخضوع على المضمر الذي أضاف الأعناق إليه. وقال قوم: ذكر الصفة لمجاورتها المذكر، وهو قوله " هم " ، على عادة العرب في تذكير المؤنث إذا أضافوه إلى مذكر، وتأنيث المذكر إذا أضافوه إلى مؤنث. وقيل: أراد فظلوا خاضعين فعبر بالعنق عن جميع البدن، كقولهذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [الحج: 10] وأَلْزَمْنَـٰهُ طَـٰئِرَهُ فِى عُنُقِهِ } [الإسراء: 13]. وقال مجاهد: أراد بالأعناق الرؤساء والكبراء، أي: فظلت كبراؤهم خاضعين. وقيل: أراد بالأعناق الجماعات، يقال: جاء القوى عنقاً عنقاً، أي جماعات وطوائف. وقيل: إنما قال خاضعين على وفاق رؤوس الآي ليكون على نسق واحد.