الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ } * { قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلاَ تَسْتَمِعُونَ } * { قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } * { قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } * { قَالَ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } * { قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } * { قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُّبِينٍ }

{ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } يقول: أي شيء رب العالمين الذي تزعم أنك رسوله إليّ يستوصفه إلهه الذي أرسله إليه بـ " ما " هو سؤال عن جنس الشيء، والله منزّه عن الجنسية، فأجابه موسى عليه السلام يذكر أفعاله التي يعجز الخلق عن الإِتيان بمثلها. { قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ } ، أنه خالقهما. قال أهل المعاني: أي كما توقنون هذه الأشياء التي تعاينونها فأيقنوا أنَّ إله الخلق هو الله عزّ وجلّ، فلما قال موسى ذلك تحير فرعون في جواب موسى. { قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ } ، من أشراف قومه. قال ابن عباس: كانوا خمس مائة رجل عليهم الأسورة، قال لهم فرعون استبعاداً لقول موسى، { أَلاَ تَسْتَمِعُونَ } ، وذلك أنهم كانوا يعتقدون أن آلهتهم ملوكهم، فزادهم موسى في البيان. { قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ }. { قَالَ } ، يعني: فرعون: { إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِىۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } ، يتكلم بكلام لا نعقله ولا نعرف صحته، وكان عندهم أن من لا يعتقد ما يعتقدون ليس بعاقل، فزاد موسى في البيان: { قَالَ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ }. { قَالَ } ، فرعون ـ حين لزمته الحجة وانقطع عن الجواب ـ تكبراً عن الحق: { لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِى لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } ، أي: المحبوسين، قال الكلبي: كان سجنه أشد من القتل، لأنه كان يأخذ الرجل فيطرحه في مكان وحده فرداً لا يسمع ولا يبصر فيه شيئاً، يهوي به في الأرض. { قَالَ } له موسى حين توعده بالسجن { أَوَلَوْ جِئْتُكَ } ، أي: وإن جئتك، { بِشَىءٍ مُّبِينٍ } ، بآية مبينة، ومعنى الآية: أتفعل ذلك وإن أتيتك بحجة بينة؟ وإنما قال ذلك موسى لأن من أخلاق الناس السكون إلى الإِنصاف والإِجابة إلى الحق بعد البيان.