الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً } * { فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً } * { وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً } * { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً }

قوله عزّ وجلّ: { وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِى كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً } ، رسولاً ينذرهم، ولكن بعثناك إلى القرى كلها، وحملناك ثقل النذارة جميعها لتستوجب بصبرك عليه ما أعددنا لك من الكرامة والدرجة الرفيعة. { فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } فيما يدعونك إليه من موافقتهم ومداهنتهم. { وَجَـٰهِدْهُمْ بِهِ } أي: بالقرآن، { جِهَاداً كَبيراً } شديداً. { وَهُوَ ٱلَّذِى مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ } ، خلطهما وأفاض أحدهما في الآخر، وقيل: أرسلهما في مجاريهما وخلاّهما كما يرسل الخيل في المرج، وأصل " المرج " الخلط والإِرسال، يقال: مرجت الدابة وأمرجتها إذا أرسلتها في المرعى وخليتها تذهب حيث تشاء، { هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ } ، شديد العذوبة، و " الفرات ": أعذب المياه، { وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } ، شديد الملوحة. وقيل: أُجاج أي مرّ، { وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً } ، أي: حاجزاً بقدرته لئلا يختلط العذب بالملح ولا الملح بالعذب، { وَحِجْراً مَّحْجُوراً } أي: ستراً ممنوعاً فلا يبغيان، ولا يفسد الملحُ العَذْبُ. { وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ } ، من النطفة، { بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً } ، أي: جعله ذا نسب وصهر. قيل: " النسب " ما لا يحل نكاحه، و " الصهر " ما يحل نكاحه، فالنسبُ ما يوجب الحرمة، والصهرُ ما لا يوجبها، وقيل: هو الصحيح ـ: النسب: من القرابة، والصهر: الخلطة التي تشبه القرابة، وهو السبب المحرم للنكاح، وقد ذكرنا أن الله تعالى حرّم بالنسب سبعاً وبالسبب سبعاً في قوله:حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَـٰتُكُمْ } [النساء: 23]. { وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً }.