الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَـاةً وَلاَ نُشُوراً } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } * { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

قوله عزّ وجلّ: { وَٱتَّخَذُواْ } ، يعني عبدة الأوثان، { مِن دُونِهِ ءْالِهَةً } ، يعني: الأصنام، { لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } ، أي: دفع ضر ولا جلب نفع، { وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَـوٰةً } ، أي: إماتةً وإحياءً، { وَلاَ نُشُوراً } ، أي: بعثاً بعد الموت. { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } ، يعني: المشركين، يعني: النضر بن الحارث وأصحابه، { إِنْ هَـٰذَا } ، ما هذا القرآن، { إِلاَّ إِفْكٌ } ، كذب، { ٱفْتَرَاهُ } ، اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم، { وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءَاخَرُونَ } ، قال مجاهد: يعني اليهود. وقال الحسن: هو عبيد بن الخضر الحبشي الكاهن. وقيل: جبر ويسار، وعداس بن عبيد، كانوا بمكة من أهل الكتاب، فزعم المشركون أن محمداً صلىالله عليه وسلم يأخذ منهم، قال الله تعالى: { فَقَدْ جَآءُوا } ، يعني قائلي هذه المقالة، { ظُلْماً وَزُوراً } ، أي: بظلم وزور. فلما حذف الباء انتصب، يعني جاؤوا شركاً وكذباً بنسبتهم كلام الله تعالى إلى الإِفك والافتراء. { وَقَالُوۤاْ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا } ، يعني النضر بن الحارث كان يقول: إنّ هذا القرآن ليس من الله وإنما هو مما سطَّره الأولون مثل حديث رستم واسفنديار، " اكتتبها ": انتسخها محمد من جبر، ويسار وعدَّاس، ومعنى " اكتتب " يعني طلب أن يكتب له، لأنه كان لا يكتب، { فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ } ، يعني تقرأ عليه ليحفظها لا ليكتبها، { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } ، غدوة وعشياً. قال الله عزّ وجلّ رداً عليهم: { قُلْ أَنزَلَهُ } ، يعني القرآن، { ٱلَّذِى يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ } ، يعني الغيب، { فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }.