الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } * { أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً }

{ وَقَدِمْنَآ } ، وعمدنا، { إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } ، أي باطلاً لا ثواب له، فهم لم يعملوه لله عزّ وجلّ. واختلفوا في " الهباء " ، قال علي: هو ما يرى في الكُوَّة إذا وقع ضوء الشمس فيها كالغبار، ولا يمس بالأيدي، ولا يرى في الظل، وهو قول الحسن وعكرمة ومجاهد، و " المنثور " والمتفرّق. وقال ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير: هو ما تسفيه الرياح وتذريه من التراب وحطام الشجر. وقال مقاتل: هو ما يسطع من حوافر الدوابِّ عند السير. وقيل: " الهباء المنثور ": ما يرى في الكوة، و " الهباء المنبث ": هو ما تطيره الرياح من سنابك الخيل. قوله عزّ وجلّ: { أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً } أي: من هؤلاء المشركين المتكبرين { وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } ، موضع قائلة يعني: أهل الجنة لا يمر بهم يوم القيامة إلا قدر النهار من أوله إلى وقت القائلة حتى يسكنوا مساكنهم في الجنة، قال ابن مسعود: لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، وقرأ «ثم إن مقيلهم لا إلى الجحيم» هكذا كان يقرأ. وقال ابن عباس في هذه الآية: الحساب ذلك اليوم في أوله، وقال القوم حين قالوا في منازلهم في الجنة. قال الأزهري: " القيلولة " و " المقيل ": الاستراحة نصف النهار، وإن لم يكن مع ذلك نوم، لأن الله تعالى قال: { وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } والجنة لا نوم فيها. ويُروى أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس.