الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } * { أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون } * { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

وقال: { وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } ، الرسول يحكم بحكم الله، { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ } ، أي: عن الحكم. وقيل: عن الإِجابة. { وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } مطيعين منقادين لحكمه، يعني إذا كان الحق لهم على غيرهم أسرعوا إلى حكمه لتيقنهم بأنه كما يحكم عليهم بالحق يحكم لهم أيضاً بالحق. { أَفِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ } أي: شكوا، هذا استفهام ذم وتوبيخ، يعني هم كذلك، { أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ } ، أي: بظلم، { بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } لأنفسهم بإعراضهم عن الحق. { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } إلى كتاب الله ورسوله، { لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } ، هذا ليس على طريق الخبر ولكنه تعليم أدب الشرع على معنى أن المؤمنين كذا ينبغي أن يكونوا، ونصب القول على الخبر واسمه في قوله تعالى: { أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } ، أي: سمعنا الدعاء وأطعنا بالإِجابة. { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }. { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } قال ابن عباس رضي الله عنهما: فيما ساءه وسره { وَيَخْشَى ٱللَّهَ } على ما عمل من الذنوب. { وَيَتَّقْهِ } ، فيما بعد، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون } ، الناجون، قرأ أبو عمرو وأبو بكر «يتقه» ساكنة الهاء، ويختلسها أبو جعفر وبعقوب وقالون، كما في نظائرها ويشبعها الباقون كسراً، وقرأ حفص «يتَّقْهِ» بسكون القاف واختلاس الهاء، وهذه اللغة إذا سقطت الياء للجزم يسكنون ما قبلها يقولون لم أشترْ طعاماً، بسكون الراء. قوله عزّ وجلّ: { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَـٰنِهِمْ } وجهد اليمين أن يحلف بالله ولا حلف فوق الحلف بالله، { لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ } ، وذلك أن المنافقين كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أينما كنت نكن معك، لئن خرجتَ خرجنا، وإن أقمت أقمنا، وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا، فقال تعالى: { قُلْ } ، لهم، { لاَّ تُقْسِمُواْ } ، لا تحلفوا، وقد تم الكلام، ثم قال: { طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ } ، أي: هذه طاعة بالقول باللسان دون الاعتقاد، وهي معروفة يعني أمر عرف منكم أنكم تكذبون وتقولون ما لا تفعلون، هذا معنى قول مجاهد رضي الله عنه. وقيل: معناه طاعة معروفة بنية خالصة أفضل وأمثل من يمين باللسان لا يوافقها الفعل. وقال مقاتل بن سليمان: لتكن منكم طاعة معروفة. { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.