الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ }

قوله عزّ وجلّ: { وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ } ، قرأ حمزة والكسائي، «خالقٌ كُلِّ» بالإِضافة، وقرأ الآخرون «خَلَقَ كُلِّ» على الفعل، { مِّن مَّآءٍ } ، يعني من نطفة، وأراد به كل حيوان يشاهد في الدنيا ولا يدخل فيه الملائكة ولا الجن، لأنا لا نشاهدهم. وقيل: أصل جميع الخلق من الماء، وذلك أن الله تعالى خلق ماء ثم جعل بعضه ريحاً فخلق منها الملائكة، وبعضه ناراً فخلق منها الجن، وبعضها طيناً فخلق منها آدم، { فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَىٰ بَطْنِهِ } ، كالحيات والحيتان والديدان، { وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَىٰ رِجْلَيْنِ } ، مثل بني آدم والطير، { وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَىٰ أَرْبَعٍ } ، كالبهائم والسباع، ولم يذكر من يمشي على أكثر من أربع مثل حشرات الأرض، لأنها في الصورة كالتي يمشي على الأربع، وإنما قال: { مَّن يَمْشِى } ، و«مَنْ» إنما تستعمل فيمن يعقل دون من لا يعقل من الحيات والبهائم، لأنه ذكر كل دابة، فدخل فيه الناس وغيرهم، وإذا جمع اللفظ من يعقل ومن لا يعقل تجعل الغلبة لمن يعقل. { يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ }. { لَّقَدْ أَنزَلْنَآ } إليك، { ءَايَـٰتٍ مُّبَيِّنَـٰتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }. { وَيِقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا }. يعني المنافقين. يقولونه، { ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ } ، يعرض عن طاعة الله ورسوله، { فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ } ، أي: من بعد قولهم: آمنَّا، ويدعو إلى غير حكم الله. قال الله عزّ وجلّ: { وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ }. نزلت هذه الآية في بِشْرٍ المنافق، كانت بينه وبين رجل من اليهود خصومة في أرض، فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وقال المنافق نتحاكم إلى كعب بن الأشرف، فإن محمداً يحيف علينا، فأنزل الله هذه الآية.